بلسان الرسول - ﷺ -؛ أي: بلغته، وكان فيما علل به قوله: ﴿لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾.. أكد ذلك بقوله: ﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (٢) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (٣)﴾ والتذكرة: هي البشارة والنذارة، وأن ما ادعاه المشركون من إنزاله للشقاء ليس كذلك، بل إنما نزل تذكرةً.
قوله تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (٩)...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن (١) الله سبحانه لما عظَّم كتابه والرسول الذي أنزل عليه بما كلفه به من التبليغ والإنذار والتبشير.. أتبع ذلك بما يقوي قلبه من قصص الأنبياء، وما فعلته أممهم معهم، وكيف كانت العاقبة لهم، والنصر حليفهم، ففي هذا سلوى له، وتأس بهم فيما قاموا به من الذود عن الحق، مهما أصابهم من العنت والأذى، من جراء الدعوة إليه، كما أشار إلى ذلك سبحانه بقوله: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾.
وبدأ بقصص موسى؛ لأن محنته كانت أشد، فقد تحمل من المكاره ما تنوء به راسيات الجبال، وقابل ذلك بعزم لا يفتر، وبقوة تفل الحديد.
وعبارة أبي حيان هنا (٢): قوله تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (٩)...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر تعظيم كتابه، وتضمن تعظيم رسوله.. أتبعه بقصة موسى ليتأسى به في تحمل أعباء النبوة، وتكاليف الرسالة، والصبر على مقاساة الشدائد، كما قال تعالى: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ فقال تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (٩)﴾.
قوله تعالى: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (١٧)...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر (٣) مناجاته لموسى، حين رأى النار التي في الشجرة، واختياره نبيًا، وإيحاءه إليه أن لا إله إلا هو، وأمره بإقامة الصلاة، لما فيها من ذكره، وتخصيصه بالعبادة دون سواه، ثم إخباره بأن الساعة آتية لا
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.