التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿طه (١)﴾ اختلفوا فيه (١) أكثر مما اختلف في غيره من المقطعات، فقال بعضهم: هو اسم القرآن، أو اسم السورة، أو اسم الله، أو مفتاح الإسم الطاهر والهادي، وقال بعضهم: هو اسم من أسماء الرسول - ﷺ - مثل أحمد ويس، وغير ذلك، كما قال - عليه السلام -: "أنا محمد، وأنا أحمد، والفاتح، والقاسم، والحاشر، والعاقب، والماحي، وطه، ويس". ويؤيد هذا القول الخطاب في ﴿عَلَيْكَ﴾ فيكون حرف النداء محذوفاً؛ أي: يا طه، والطاء والهاء إشارة إلى أنه - عليه السلام - طالب الشفاعة للناس، وهادي البشر، أو أنه طاهر من الذنوب، وهاد إلى معرفة علَّام الغيوب، وقيل: إنه من المتشابه الذي لا يفهم المراد به، بناءً على أنه من الحروف المقطعة التي استأثر الله بعلمها، فعليه يكون الوقف عليها تاماً، وهي آية مستقلة لا محل لها من الإعراب، وقيل (٢): إنه بمعنى: يا رجل في لغة عكل، وفي لغة عك، قال الكلبي: لو قلت لرجلٍ من عك: يا رجل.. لم يجب، حتى تقول: طه، وأنشد ابن جرير:

دَعَوْتُ بِطَهَ فِي الْقِتَالِ فَلَمْ يُجِبْ فَخِفْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُوْنَ مُوَاثِلاً
ويُروى مزاولًا، وقيل: إنها في لغة عكٍ بمعنى: يا حبيبي، وقال قطرب: هي كذلك في لغة طي؛ أي: بمعنى: يا رجل، وكذلك قال الحسن وعكرمة، وقيل: هي كذلك في اللغة السريانية، حكاه المهدي، وقيل: إن معناه طوبى لمن اهتدى، وقيل: معناه: طاء الأرض يا محمد، قال ابن الأنباري: وذلك أن النبي - ﷺ - كان يتحمل مشقة الصلاة حتى كادت قدماه تتورم، ويحتاج إلى التروح، فقيل له: طاء الأرض؛ أي: لا تتعب حتى تحتاج إلى التروح، وحكى القاضي عياض في "الشفاء" عن الربيع بن أنس، قال: كان النبي - ﷺ - إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى، فأنزل الله ﴿طه (١)﴾ يعني: طاء الأرض يا محمد، وحكي عن الحسن البصري أنه قرأ طه على وزن دع: أمر بالوطء، والأصل طأ
(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon