الأرضين على ظهر الحوت، والحوت على الماء، والماء على صخرٍ خضراء، فخضرة السماء منها، والصخرة على قرني ثور، والثور على الثرى وهو: التراب الندي، ولا يعلم ما تحته إلا الله سبحانه.
والمعنى (١): أنه تعالى مالك لهذه الأقسام الأربعة، تصرفًا وإيجادًا وإعدامًا وإحياءً وإماتةً،
٧ - وجواب الشرط في قوله: ﴿وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ﴾ محذوف تقديره: وإن تجهر وترفع صوتك بذكر الله تعالى ودعائه.. فاعلم أنه تعالى غني عن جهرك وإعلانك ﴿فَإِنَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ﴾ ما هو و ﴿أخفى﴾ من السر، فالفاء فيه تعليلية للجواب المحذوف، وهذا (٢) إما نهي عن الجهر، كقوله سبحانه ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً﴾، وإما إرشاد (٣) للعباد إلى أن الجهر ليس لإسماعه، بل لغرض آخر من تصور النفس بالذكر، ورسوخه فيها، ومنعها من الاشتغال بغيره، وقطع الوسوسة عنها، وهضمها بالتضرع والجؤار، وإيقاظ الغير، ونشر البركات، إلى مدى صوته، وتكثير إشهاد، ونحو ذلك، والجهر بالقول: هو رفع الصوت به، والسر ما حدَّث به الإنسان نفسه، وأسره إليه، والأخفى من السرة هو ما حدث به الإنسان نفسه، وأخطره بباله.
والمعنى: أي (٤) وإن تجهر بدعاء الله وذكره.. فاعلم أنه تعالى غني عن جهرك؛ لأنه يعلم ما أسررته إلى غيرك، ولم ترفع به صوتك، وأخفى منه مما تخطره ببالك دون أن تتفوه به. والدعاء والذكر باللسان، إنما شرعا ليتصور الداعي والذاكر المعنى في نفسه، لا ليسمع صوته، ولا فضل للنطق والجهر به إلا في منع الشواغل الشاغلة عن حضور المعاني في القلوب، كما قال تعالى: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١٣)﴾
٨ - ثم ذكر سبحانه أن الموصوف بالعبادة على الوجه المذكور هو الله سبحانه، المنزه عن الشريك، المستحق لتسميته بالأسماء الحسنى فقال: ﴿اللهُ﴾ هو خبر لمبتدأ محذوف؛ أي:

(١) المراح.
(٢) الشوكاني.
(٣) روح البيان.
(٤) المراغي.
(٥) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon