إشراك ولا توجه إلى سواي، فهو من إضافة المصدر إلى مفعوله، ويحتمل كونه من إضافة المصدر إلى فاعله؛ أي: لأذكرك بالإثابة.
وخص (١) الصلاة بالذكر مع كونها داخلةً تحت الأمر بالعبادة، لكونها أشرف طاعة، وأفضل عبادة، وعلل الأمر بإقامة الصلاة بقوله: ﴿لِذِكْرِي﴾؛ أي: لتذكري، فإن الذكر الكامل لا يتحقق إلا في ضمن العبادة والصلاة، أو المعنى: لتذكرني فيهما لاشتمالهما على الأذكار، أو المعنى أقم الصلاة متى ذكرت أن عليك صلاة، وقيل: المعنى لأذكرك بالمدح في عليين.
وقرأ السلمي والنخعي وأبو رجاء (٢): ﴿للذكرى﴾ بلام التعريف وألف التأنيث، فالذكرى: بمعنى التذكرة؛ أي: لتذكيري إياك، إذا ذكرتك بعد نسيانك، فأقمها، وقرأت فرقة: ﴿لذكرى﴾ بألف التأنيث بغير لام التعريف، وقرأت فرقة: ﴿للذكر﴾.
١٥ - ثم بيَّن السبب في وجوب العبادة، وإقامة الصلاة فقال: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ﴾ والقيامة ﴿آتِيَةٌ﴾؛ أي: كائنة حاصلة واقعة لا محالة، والساعة (٣): اسم لوقت تقوم فيه القيامة، سمي بها لأنها ساعة حقيقةً، يحدث فيها أمر عظيم، وإنما عبَّر عن ذلك بالإتيان تحقيقاً لحصولها بإبرازها في معرض أمر محقق متوجه نحو المخاطبين ﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾؛ أي: أريد (٤) إخفاء وقتها فـ ﴿أَكَادُ﴾ بمعنى أريد، أو أقرب أن أخفيها، فلا أقول إنها آتية، ولولا ما في الإخبار بإتيانها من اللطف وقطع الأعذار.. لما أخبرت به، أو أكاد أظهرها، فالإخفاء بمعنى الإظهار، من أخفى الشيء إذا أظهره، وسلب خفاءه، ويؤيده قراءة فتح الهمزة، من خفاه إذا أظهره، ذكره البيضاوي، وقيل: ﴿أَكَادُ﴾ (٥) زائدة، والمعنى: إن الساعة آتية أسترها عن الخلق، للتهويل والتعظيم، وقال ابن الأنباري: في الآية تفسير آخر (٦)

(١) الشوكاني.
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.
(٤) البيضاوي.
(٥) روح البيان.
(٦) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon