موسى لقتله، ولما وجده في اليم عند الشجر سماه موسى، و (مو): هو الماء عند القبطية و (سا): هو الشجر، وأحبه حبًا شديدًا، لا يكاد يتمالك الصبر عنه، وذلك قوله تعالى:
٢ - ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً﴾ عظيمةً كائنةً ﴿مِنِّي﴾ قد ركزتها في القلوب، وزرعتها فيها، بحيث لا يكاد يصبر عنك من رآك، ولذا أحبك عدو الله فرعون وزوجته، حتى قالت: ﴿قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا﴾ روي أنه كان على وجهه مسحة جمال، وفي عينيه ملاحة، لا يكاد يصبر عنه من رآه.
٣ - ﴿وَلِتُصْنَعَ﴾؛ أي: ولتربَّى حالة كونك ﴿عَلَى عَيْنِي﴾؛ أي: متلبسًا بحفظي ورعايتي، معطوف على علة مقدرة، متعلقة بـ ﴿ألقيت﴾ والتقدير: وألقيت عليك المحبة، ليعطف عليك، ولتربى بالشفقة والحنو، حالة كونك متلبسًا بحفظي ورعايتي، وأنا مراقبك ومراعيك وحافظك، كما يراعي الرجل الشيء بعينه إذا اعتنى به، من قولهم صنع إليه معروفًا، إذا أحسن إليه، و ﴿عَلَى عَيْنِي﴾ حال من الضمير المستتر في ﴿لتصنع﴾ لا صلة له، جعل العين مجازًا مرسلًا عن الرعاية والحراسة، بطريق إطلاق اسم السبب على المسبب.
وقرأ الجمهور (١): ﴿وَلِتُصْنَعَ﴾ بكسر لام كي وضم التاء، ونصب الفعل؛ في: ولتربى ويحسن إليك، وأنا مراعيك وراقبك، كما يراعي الرجل الشيء بعينيه إذا اعتنى به، وقرأ الحسن، وأبو نهيك: بفتح التاء، قال ثعلب معناه:
لتكون حركتك وتصرفك على عين منى. وقرأ شيبة، وأبو جعفر في روايةٍ: بإسكان اللام والعين وضم التاء، فعل أمر، وعن أبي جعفر: كذلك إلا أنه كسر اللام.
٤ - ٤٠ ﴿إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ﴾ مريم وهي شقيقة له، وهي غير أم عيسى، ظرف