كونها جوابًا لها، وجملة ﴿إنْ﴾ الشرطية: مستأنفة. ﴿وَأَخْفَى﴾: معطوف على ﴿السِّرَّ﴾؛ أي: ﴿أخفى﴾ منه، وتنكيره للمبالغة في الخفاء، فهو: اسم تفضيل من خفي بمعنى: استتر وغاب، وأجاز بعضهم: أن يكون فعلًا ماضيًا؛ أي: وأخفى الله عن عباده غيبه، وعندنا أن ذلك غير جائز؛ لأنه من جهة اللفظ يلزم منه عطف الفعلية على الاسمية، إن كان المعطوف عليه الجملة الكبرى، أو عطف الماضي على المضارع، إن كان المعطوف عليه الجملة الصغرى، وكلاهما دون الأحسن، ومن جهة المعنى، واضح أن المقصود: الحض على ترك الجهر بإسقاط فائدته، من حيث: إن الله يعلم السر وما هو أخفى منه، فكيف يبقى للجهر فائدة، وكلاهما على هذا التأويل مناسبة لترك الجهر، وأما إذا جُعل فعلًا فيخرج عن مقصود السياق، واعلم: أنهم قد يحذفون (من) من أفعل، إذا أريد به التفضيل، ومعنى الفعل، وهم يريدونها فتكون كالمنطوق بها، نحو زيد أكرم وأفضل.
﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (٨)﴾.
﴿اللَّهُ﴾: مبتدأ ﴿لَا﴾: نافية ﴿إِلَهَ﴾: في محل النصب اسمها، مبني على الفتح، وخبر ﴿لَا﴾: محذوف جوازًا، تقديره: موجود ﴿إِلَّا﴾: أداة استثناء مفرغ ﴿هُوَ﴾: ضمير للمفرد المنزّه عن المذكورة والأنوثة والغيبة، في محل الرفع بدل من الضمير المستتر فيخبر ﴿لَا﴾ وجملة ﴿لَا﴾: في محل الرفع خبر أول للمبتدأ، والجملة الاسمية: مستأنفة ﴿لَهُ﴾ جار ومجرور، خبر مقدم ﴿الْأَسْمَاءُ﴾: مبتدأ مؤخر ﴿الْحُسْنَى﴾: صفة لـ ﴿الْأَسْمَاءُ﴾ ومعلوم أن جمع التكسير في غير العقلاء، يعامل معاملة المفردة المؤنثة، والجملة الاسمية: في محل الرفع خبر ثان للمبتدأ.
﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (٩) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (١٠)﴾.
﴿وَهَلْ﴾ الواو: استئنافية ﴿وَهَلْ﴾: حرف للاستفهام التقريري، ومعناه: أليس قد أتاك حديث موسى، وقيل: معناه: قد أتاك ﴿أَتَاكَ﴾: فعل ومفعول به ﴿حَدِيثُ مُوسَى﴾ فاعل ومضاف إليه، والجملة: مستأنفة مسوقة لتقرير أمر التوحيد، الذي انتهى إليه مساق الحديث، وبيان أنه أمر مستمر فيما بين الأنبياء، كابرًا عن


الصفحة التالية
Icon