الثمان.. شرع يذكر الأوامر والنواهي التي طلب إليه أن يقوم بتنفيذها وأداءها على النهج الذي أمره به.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (٥٦)...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر سؤال فرعون عن رب موسى.. قفى على ذلك ببيان أنه بصره بالآيات الدالة على توحيد الله، كقوله: ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ وقوله: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا﴾ والدالة على نبوته، كإلقاء العصا وصيرورتها ثعبانًا، ونزع يده من تحت جناحه فتخرج بيضاء من غير سوء، فعلم كل هذا، وكذب به كفرًا وعنادًا، كما قال: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ الآية.
قوله تعالى: ﴿فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (٦٠)...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها (١): أن الله سبحانه لما ذكر أن موسى وفرعون، اتفقا على موعد يجتمعان فيه، وهو يوم عيد لهم.. أردف ذلك بذكر ما دبره فرعون بعد انصرافه عن المجلس، من أمر السحرة، وآلات السحر، وأتى بجميع ذلك، ثم ذكر أن موسى أوعدهم وحذرهم من عذاب لا قبل لهم به إن أقدموا على ما هم عازمون عليه، ثم بين أن السحرة حين سمعوا كلام موسى، تنازعوا أمرهم وتشاوروا ماذا يفعلون، بالغوا في إخفاء ما يريدون، وقالوا: ما موسى وهارون إلا ساحران، يريدان أن يغلباكم ويخرجاكم من دياركم، ويرجوان أن تتركوا دينكم، وهو أمثل الأديان وأفضلها، لتعتنقوا دينهما، فحذار أن تفعلوا ذلك، ولا يتخلفن أحد منكم، وائتوا صفًا واحدًا، وقد فاز بالمطلوب من غلب.
قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (٦٥)...﴾ مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر الموعد، وهو يوم الزينة، وذكر أنهم قالوا: ائتوا صفًا.. ذكر هنا أنهم بعد أن أتوا خيروه بين أن يبدأ بإلقاء ما معه، وأن يبدؤوا هم، فاختار الثانية، وحين بدؤوا فألقوا حبالهم

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon