يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} وقرأ الجمهور (١): ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ﴾ بتاء المتكلم وقرأ الأعمش، وطلحة، وابن وثاب، وحمزة، والكسائي: ﴿خلقناك﴾ بنون العظمة، وقال الزمخشري: وإنما قال: ﴿وَلَمْ تَكُ شَيْئًا﴾ لأن المعدوم ليس بشيء أو شيئًا يعتد به.
١٠ - ثم أخبر سبحانه: أن زكريا تاقت نفسه إلى سرعة وجود المبشر به، ليطمئن قلبه بما وعد به، لا لتوقف عن صدق ما وعد به، ولا لتوهم أن ذلك من عند غير الله، لعصمة الأنبياء عن مثل ذلك ﴿قَالَ﴾ زكريا ﴿رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً﴾؛ أي: علامةً على تحقق المسؤول في زمن معين، إذ كانت البشارة غير مقيدة بوقت، والحمل خفي في مبدئه، ولا سيما ممن انقطع حيضها لكبرها، إلا أنه أراد أن يطلعه على ذلك ليتلقى تلك النعمة الجليلة بالشكر حين حدوثها، ثم بين أنه أجابه إلى ما طلب فقال: ﴿قَالَ﴾ الله سبحانه ﴿آيَتُكَ﴾؛ أي: علامتك على وجود المبشر به، وحصول الحمل ﴿أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ﴾؛ أي: أن لا تقدر على تكليم الناس بكلامهم المعروف في محاوراتهم ومخاطباتهم، مع القدرة على التسبيح والذكر، كما هو المفهوم من تخصيص الناس ﴿ثَلَاثَ لَيَالٍ﴾ مع أيامها وإنما قيدنا بالأيام؛ لأن الليالي الثلاث قد تكون من يومين، لأن الليل سابق على النهار، فحينئذٍ يحصل التعارض بين ما هنا وبين الآية الأخرى، وإنما عبر هنا بالليالي وهناك بالأيام؛ لأن هذه السورة مكيّة، والمكي سابق على المدني والليل سابق على النهار، فأُعطي السابق للسابق، وسورة آل عمران مدنية، والمدني متأخر عن المكي، والنهار متأخر عن الليل، فأعطى المتأخر للمتأخر سلوكًا مسلك التناسب، ذكره في "الفتوحات". حالة كونك ﴿سَوِيًّا﴾؛ أي: سوي الخلق تامه، سليم الجوارح صحيحها، ليس بك علة ولا مرض ولا شائبة بكم ولا خرس؛ أي: علامتك امتناعك من كلامهم حالة كونك صحيحاً سليمًا، قالوا: رجع تلك الليلة إلى امرأته فقربها، ووقع الولد في رحمها فلما أصبح امتنع عليه الكلام مع الناس
١١ - ﴿فَخَرَجَ﴾ زكريا صبيحة حمل امرأته ﴿عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ﴾؛ أي: من