﴿فَقُلْ آذَنْتُكُمْ﴾؛ أي: أعلمتكم، فالهمزة فيه للنقل. قال الزمخشري: آذن منقول من أذن إذا علم، ولكنه كثر استعماله في إجرائه مجرى الإنذار، اهـ "سمين" كما قوله تعالى: ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾.
﴿مَا تُوعَدُونَ﴾: من غلبة المسلمين عليكم.
﴿فِتْنَةٌ﴾: أي: اختبار.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التلطف في طلب الرحمة في قوله: ﴿وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ ولم يقل: ارحمني، لطفاً في السؤال، وحفظًا للأدب في الخطاب، فإن أكثر أسئلة الأنبياء في كشف البلاء، إنما هي على سبيل التعريض.
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: ﴿أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾.
ومنها: إدخال أل الجنسية على الضر، لتشمل أنواعه المتقدمة.
ومنها: الجناس الناقص بين ﴿الصابرين﴾ و ﴿الصالحين﴾.
ومنها: الطباق بين ﴿رَغَبًا وَرَهَبًا﴾، وبين ﴿قريب﴾ أم ﴿بعيد﴾.
ومنها: الإضافة للتشريف في قوله: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا﴾ أضاف الروح إليه تعالى، على جهة التشريف كقوله: ﴿نَاقَةُ اللَّهِ﴾.
ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ﴾ مثل اختلافهم في الدين وتفرقهم فيه إلى شيع وأحزاب بالجماعة، تتوزَّع الشيء، لهذا نصيب ولهذا نصيب، وهذا من لطيف الاستعارة.
ومنها: الالتفات من الخطاب في قوله: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢)﴾ إلى الغيبة في قوله: ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ﴾ تشنيعًا