المناسبة
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه (١) لما أنجز الكلام في خاتمة السورة المتقدمة إلى ذكر الإعادة وما قبلها وما بعدها.. بدأ سبحانه في هذه السورة بذكر القيامة وأهوالها، حثًا على التقوى، التي هي أنفع زاد، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لمّا أخبر (٢) فيما سلف بأهوال يوم القيامة وشدتها، ودعا الناس إلى تقوى الله تعالى.. بيّن مع هذا التحذير الشديد أن كثيرًا من الناس ينكرون هذا البعث، ويجادلون في أمور الغيب بغير علم.
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ...﴾ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما حكى عن المشركين الجدال بغير علم في البعث والحشر، وذمهم على ذلك.. قفّى على هذا بإثباته من وجهين:
١ - الاستدلال بخلق الحيوان، وهو ما أشار إليه في الآية الأخرى: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾، وقوله: ﴿قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾.
٢ - الاستدلال بحال خلق النبات في قوله: ﴿وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً...﴾ إلخ.
وعبارة أبي حيان هنا (٣): ولما ذكر تعالى من يجادل في قدرة الله بغير علم. وكان جدالهم في الحشر والمعاد، ذكر دليلين واضحين على ذلك:
أحدهما: في نفس الإنسان وابتداء خلقه وتطوره في مراتب سبع، وهي التراب والنطفة والعلقة والمضغة والإخراج طفلًا وبلوغ الأشد والتوفي أو الرد إلى الهرم.

(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon