والثاني: في الأرض التي تشاهدون تنقلها من حال إلى حال، فإذا اعتبر العاقل ذلك، ثبت عنده جوازه عقلًا، فإذا ورد خبر الشرع بوقوعه، وجب التصديق به، وأنه واقع لا محالة.
قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى﴾ الآيات مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه، لما ذكر في الآية قبلها حال الضُّلَّال المقلدين، الذين يتبعون أهل الكفر والمعاصي.. أردف ذلك، بذكر حال الدعاة إلى الضلال، من رؤوس الكفرة والمبتدعين.
قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لمّا ذكر حال الضّالين المقلدين، الذين يجادلون في توحيد الله، بلا بينة ولا دليل، وحال المضلين الذين يجادلون بلا سلطان من عقل، ولا برهان صحيح من نقل، ثم بيَّن سوء مآلهما في الدنيا والآخرة، وأن لهما في الدنيا خزيا، وفي الآخرة عذابًا في النار، تحترق منه أجسامهما.. أعقب ذلك بذكر قوم مضطربي الإيمان، مذبذبين في دينهم، لا ثبات لهم في عقيدتهم، ولا استقرار لهم في آرائهم، إن أصابوا خيرًا فرحوا به، وركنوا إليه، وإن نالهم بلاء وشدة في أنفسهم، أو أهليهم أو أموالهم ارتدوا كفارًا، فلحقهم الخسار والدمار في دينهم ودنياهم، وذلك هو الخسران الذي لا خسران بعده، وهم في ذلك الحين يعبدون الأصنام والأوثان لتكشف عنهم ضرهم، وتدفع عنهم ما نزل بهم من البلاء، وقد ضلوا في ذلك ضلالًا بعيدًا.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه لما ذكر في الآية السالفة حال المنافقين وحال معبوديهم.. عطف على ذلك بذكر حال المؤمنين، الذين آمنوا بقلوبهم، وصدَّقوا إيمانهم بأفعالهم، وعملوا الصالحات، وتركوا المنكرات.
قوله: ﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: الله سبحانه وتعالى، لمّا ذكر (١) حال المجادل بالباطل