وقرأ الجمهور: ﴿وترى﴾ بالتاء مفتوحة بخطاب المفرد. وزيد بن علي بضم التاء وكسر الراء؛ أي؛ وترى الزلزلة أو الساعة. وقرأ الزعفراني وعباس في اختياره بضم التاء وفتح الراء ورفع الناس، وأنث على تأويل الجماعة. وقرأ أبو هريرة وأبو زرعة هرم بن عمرو بن جرير وأبو نهيك كذلك، إلا أنهم نصبوا الناس، عدّي ترى إلى مفاعيل ثلاثة، أحدها: الضمير المستكن في ترى، وهو ضمير المخاطب، مفعول لم يسم فاعله، والثاني والثالث: الناس سكارى، وقرأ الجمهور (١): ﴿سُكَارى﴾ بضم السين فيهما على وزن فعالى، واختلف في فعالى بضم الفاء، أهو جمع أو اسم جمع، وقرأ أبو هريرة وأبو نهيك وعيسى بفتح السين فيما، وهو جمع تكسير واحده سكران، وقال أبو حاتم هي لغة تميم، وقرأ الأخوان حمزة والكسائي، وابن سعدان ومسعود بن صالح ﴿سكرى﴾ فيهما، وهي قراءة عبد الله وأصحابه وحذيفة، وقرأ الحسن والأعرج وأبو زرعة وابن جبير والأعمش ﴿سكرى﴾ بضم السين فيهما، قال أبو الفتح هو اسم مفرد، كالبشرى، وبهذا أفتاني أبو علي انتهى. وقال الزمخشري: هو غريب، ذكره في "البحر المحيط".
﴿وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ فغشيهم هوله، وطير عقولهم وسلب تمييزهم؛ أي: فبسبب هذه الشدة والهول العظيم طاشت عقولهم، واضطربت أفهامهم، فصاروا كالسكارى من الشراب.
﴿ولكن﴾ استدراك (٢) على محذوف تقديره: فهذه الأحوال، وهي الذهول والوضع ورؤية الناس شبه السكارى، هينة لينة، ولكن عذاب الله شديد؛ أي: ليس لينًا ولا سهلًا، فما بعد لكن، مخالف لما قبلها، اهـ من "أبي حيان".
٣ - فلما ذكر الله سبحانه وتعالى، أهوال يوم القيامة، ذكر من غفل عن الجزاء في ذلك، وكذب به، فقال: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ﴾ ويخاصم وينازع ﴿فِي اللَّهِ﴾؛ أي: في قدرته وصفاته وفي كتابه ونبيه وشؤونه، ويقول فيه ما لا خير فيه، من الأباطيل، حالة كون ذلك المجادل ملابسًا، ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ وبرهان وحجة؛ أي: يجادل
(٢) الفتوحات.