المؤمنون (١)؛ أي: ظفروا بمقصدهم، ونجوا من كل مكروه، قال تعالى: ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾ والمؤمنون جمع مؤمن، وهو المصدق بالله ورسله وملائكته وكتبه واليوم الآخر والقدر خيره وشره وحلوه ومره.
وقرأ طلحة بن مصرق، وعمرو بن عبيد (٢): ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ بضم الهمزة وكسر اللام مبنيًا للمفعول، ومعناه: أدخلوا في الفلاح، فاحتمل أن يكون من فلح لازمًا، أو يكون أفلح، يأتي متعديًا ولازمًا، وقرأ طلحة: أيضًا بفتح الهمزة واللام وضم الحاء، قال عيسى بن عمر: سمعت طلحة بن مصرق يقرأ: ﴿قَدْ أفلحوا الْمُؤْمِنُونَ﴾ فقلت له: أتلحن. قال: نعم، كما لحن أصحابي، انتهى. يعني: أن مرجوعه في القراءة إلى ما روي، وليس بلحن؛ لأنه على لغة أكلوني البراغيث، قال الزمخشري: أو على الإبهام والتفسير، وقال ابن عطية: وهي قراءة مردودة، وفي كتاب ابن خالويه مكتوبًا بواو بعد الحاء، وفي "اللوامح": وحذفت واو الجمع بعد الحاء لالتقائهما في الدرج، وكانت الكتابة عليها محمولةً على الوصل، نحو: ﴿وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ﴾ وقال الزمخشري: وعنه - أي عن طلحة - ﴿قَدْ أَفْلَحَ﴾ ضمة بغير واو اجتزاء بها عنها كقوله: ولو أن الأطباء كان حولي. انتهى.
وليس بجيد؛ لأن الواو في أفلح حذفت لالتقاء الساكنين، وهنا حذفت للضرورة، فليست مثلها.
والحاصل: أن الله سبحانه حكم بالفلاح لمن كان جامعًا لخصال سبع من خصال الخير:
الأول: الإيمان، وذكره بقوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)﴾؛ أي: فاز وسعد المصدقون بالله، ورسله، واليوم الآخر.
٢ - والثاني: الخشوع في الصلاة، وذكره بقوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)﴾؛ أي: الذين هم مخبتون لله، متذللون له، مناقدون له، خائفون من عذابه، ملزمون

(١) الصاوي.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon