الله سبحانه بما فرط منهم، ولا ينظمهم في سلك الفاسقين؛ لأنه مبالغ في المغفرة والرحمة؛ أي: فإن الله ستار لذنوبهم التي أقدموا عليها، بعد أن تابوا عنها، رحيم بهم، فيزيل عنهم ذلك العار، الذي لحقهم بعدم قبول شهادتهم ووسمهم بميسم الفسوق الذي وصفوا به.
وفي الآية (١): إشارة إلى غاية كرم الله تعالى، ورحمته على عباده، بأن يستر عليهم ما أراد بعضهم إظهاره على بعض، وإن لم يظهر صدق أحدهما أو كذبه، ولتأديبهم أوجب عليهم الحد، ورد قبول شهادتهم أبدًا، وسماهم الفاسقين، وليتصفوا بصفاته الستارية والكريمية والرحيمية فيما يسترون عيوب إخوانهم المؤمنين. ولا يتبعوا عوراتهم.
حكم قذف الرجل زوجه
٦ - ثم بعد أن ذكر سبحانه حكم قذف المحصنات على العموم ذكر حكم نوع من أنواع القذف، وهو قذف الزوج للمرأة التي تحته بعقد النكاح، فقال: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾؛ أي: والأزواج الذين يقذفون زوجاتهم بالزنا، ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ﴾ يشهدون لهم بصحة ما قذفوهن به من الفاحشة ﴿إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾؛ أي: فعلى كل منهم أن يشهد أربع شهادات بالله على أنه صادق فيما رماها به من الزنا، فجملة: ﴿إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾، هي المشهود به، وأصله (على أنه)، فحذف الجار وكسرت إن وعلق العامل عنها.
٧ - ﴿وَ﴾ الشهادة ﴿الْخَامِسَةُ﴾ للأربع المتقدمة؛ أي: الجاعلة لها خمسًا بانضمامها إليهن، وهي مبتدأ خبره قوله: ﴿أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ﴾ سبحانه، وطرده من رحمته في الدنيا والآخرة ﴿عَلَيْهِ﴾؛ أي: على الملاعن ﴿إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ فيما رماها به من الزنا، فإذا لاعن الرجل.. حبست الزوجة حتى تعترف فترجم، أو تلاعن.

(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon