والحسن، وبه قال ربيعة ومالك والثوري والشافعي وأكثر أهل العلم.
وقال الزهري والأوزاعي وأصحاب الرأي: لا يجري اللعان إلا بين مسلمين حرين غير محدودين، فإن كان أحد الزوجين رقيقًا أو ذميًا أو محدودًا في قذف، فلا لعان بينهما. وظاهر القرآن حجة لمن قال: يجري اللعان بينهما؛ لأن الله تعالى قال: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ ولم يفصل بين الحر والعبد والمحدود وغيره.
ولا يصح اللعان إلا عند الحاكم أو نائبه، ويغلظ اللعان بأربعة أشياء، بتعدد الألفاظ وبالمكان والزمان، وأن يكون بمحضر جماعة من الناس. أما تعدد الألفاظ فيجب، ولا يجوز الإخلال بشيء منها. وأما المكان: فهو أن يلاعن في أشرف الأماكن، فإن كان بمكة فبين الركن والمقام، وإن كان بالمدينة فعند منبر النبي - ﷺ -. وفي سائر البلاد في الجامع عند المنبر. وأما الزمان: فهو أن يكون بعد العصر. وأما الجمع فأقله أربعة، والتغليظ بالجمع سنة، فلو لاعن الحاكم بينهما وحده جاز. وفي التغليظ بالزمان والمكان قولان. وبيان اللعان متبعًا موضعه كتب الفروع، فيطلب هناك، وكذا القذف.
١٠ - وبعد أن ذكر حكم الرامي للمحصنات وللأزواج، بين أن في هذا تفضلًا على عباده، ورحمة بهم، فقال: ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ﴾؛ أي: تفضله سبحانه ﴿عَلَيْكُمْ﴾ أيها القاذفون والمقذوفات ﴿وَرَحْمَتُهُ﴾ سبحانه بالستر لكم؛ أي: لولا تفضله عليكم بالستر ورحمته لكم به في القذف. وجواب ﴿لولا﴾ محذوف، تقديره: لنال الكاذب منكم عذاب عظيم. وفي قوله: عليكم (١) التفات عن الغيبة في قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾. وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ إلى الخطاب. والخطاب لكل من الفريقين؛ أي: القاذفين والمقذوفات، ففي الكلام تغليب صيغة الذكور على صيغة الإناث، حيث لم يقل: عليكم وعليكن.
وجملة قوله: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ﴾ سبحانه ﴿تَوَّابٌ﴾ بعوده على من يرجع عن

(١) الفتوحات.


الصفحة التالية
Icon