﴿لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ﴾ وهذا إما من تمام ما يقوله المؤمنون؛ أي: وقالوا: هلا جاء الخائضون ﴿بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ على ما قالوا، أو ابتداء كلام من الله سبحانه؛ أي: هلا جاءت العصبة الكاذبة على قذفهم عائشة، بأربعة شهداء يشهدون على ثبوت ما قالوا، وما رموها به؛ أي: يشهدون بأنهم عاينوا ما رموها به. فجعل الله (١) سبحانه فصلًا بين الرمي الصادق والرمي الكاذب ثبوت أربعة شهداء وانتفائها.
وقرأ الضحاك وعاصم الجحدري بأربعة منونة. ﴿فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ﴾ الأربعة؛ أي: فحين لم يقيموا بينةً على ما قالوا ﴿فَأُولَئِكَ﴾ المفسدون الخائضون في الإفك ﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾؛ أي: في حكمه وشرعه المؤسس على الدلائل الظاهرة المتقنة.. ﴿هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾؛ أي: الكاملون في الكذب المشهود عليه بذلك، المستحقون لإطلاق الاسم عليهم دون غيرهم.
١٤ - ﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾ ولولا هنا (٢) امتناعية؛ أي: امتناع الشيء لوجود غيره. والخطاب للسامعين والمسلمين جميعًا؛ أي: ولولا تفضله سبحانه عليكم أيها المسلمون ﴿فِي الدُّنْيَا﴾ بضروب النعم التي من أجلها الإمهال للتوبة ﴿وَ﴾ رحمته لكم في ﴿الْآخِرَةِ﴾ بضروب الآلاء، التي من جملتها العفو والمغفرة بعد التوبة المقدران لكم ﴿لَمَسَّكُمْ﴾ عاجلًا ﴿فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ﴾؛ أي: بسبب الإفك الذي أفضتم وخضتم فيه، فما موصولة، والباء صببية. ويصح أن تكون مصدرية.
والمعنى: حينئذٍ لمسكم بسبب إفاضتكم وخوضكم فيه؛ أي: في الإفك ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ في الدنيا والآخرة؛ أي: شديد يستحقر دونه التوبيخ والجلد الذي وقع لهم، غير ابن سلول فإن عذابه محتم في الآخرة، كما تقدم في قوله: ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ...﴾. إلخ؛ أي: لعجل لكم العقاب في الدنيا، من جراء عا خضتم فيه من حديث الإفك والبهتان.
١٥ - ثم بين سبحانه وقت حلول العذاب الذي كانوا يستحقونه لولا الفضل والرحمة بقوله: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ﴾ بحذف إحدى التاءين ظرف للمس أو للإفاضة؛ أي:
(٢) روح البيان.