بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}، وهو حرام لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾.
والمعنى (١): وتقولون قولًا مختصًا بالأفواه، من غير أن يكون له مصداق ومنشأ في القلوب؛ لأنه ليس بتعبير عن علم به في قلوبكم؛ أي: إن قولهم هذا مختص بالأفواه، من غير أن يكون واقعًا في الخارج، معتقدًا في القلوب. وقيل: إن ذكر الأفواه للتأكيد كما في قوله: ﴿ويطير بجناحيه﴾ والضمير في قوله: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ﴾ راجع إلى الحديث الذي وقع الخوض فيه والإذاعة له، وتظنون حديث الإفك ﴿هَيِّنًا﴾؛ أي: شيئًا سهلًا لا تبعة له، أو ليس له كثير عقوبة، أو شيئًا يسيرًا لا يلحقكم فيه إثم، حيث سكتم عن إنكاره.
وجملة قوله: ﴿وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ حال من ضمير المفعول؛ أي: وتحسبون ذلك الإفك هينًا، والحال أنه عند الله عظيم ذنبه وعقابه. وفي كلام بعض السلف: لا تقولن لشيء من سيئاتك نقير فلعله عند الله نخلة وهو عندك نقير. وقيل المعنى: وتحسبونه هينًا؛ أي: ذنبًا صغيرًا وهو عند الله عظيم؛ أي: ذنب كبير.
ومعنى الآية (٢): ولولا تفضله ورحمته لكم لمسكم ذلك العذاب وقت تلقيكم ما أفضتم فيه من الإفك، وأخذ بعضكم إياه من بعض بالسؤال عنه. وقولكم قولًا بأفواه دون أن يكون له منشأ في القلوب يؤيده، وظنكم إياه هينًا سهلًا لا يعبأ به، وهو من العظائم والكبائر عند الله تعالى.
وخلاصة ذلك: أنه وصفهم بارتكاب ثلاثة آثام وعلق مس العذاب العظيم بها.
١ - تلقي الإفك بالألسنة، فقد كان الرجل يلقى أخاه، فيقول له: ما وراءك، فيحدثه حديث الإفك حتى شاع وانتشر، حتى لم يبق بيت ولا نادٍ إلا طار فيه، فهم قد فعلوا جهد المستطاع في نشره.
(٢) المراغي.