٢ - أنه قول بلا روية ولا فكر، فهو قول باللسان لا يترجم عما في القلب، إذ ليس هناك علم يؤيده، ولا قرائن أحوال وشواهد تصدقه.
٣ - استصغار ذلك وحسبانه مما لا يؤبه له، وهو عند الله عظيم الوزر، مستحقة لشديد العقوبة.
١٦ - و ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ﴾ وهذا عتاب لجميع المؤمنين؛ أي: هلا إذ سمعتم حديث الإفك ﴿قُلْتُمْ﴾ تكذيبًا للخائضين فيه المفترين له ﴿مَا يَكُونُ﴾ وينبغي ﴿لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا﴾ الإفك العظيم، ولا يمكننا أن نخوض فيه، ولا يصدر ذلك منا بوجه من الوجوه ﴿سُبْحَانَكَ﴾؛ أي: ننزهك يا ربنا، عن أن تجعل لنبيك زوجة فاجرة، حالة كوننا متعجبين ممن تفوه بهذا الحديث. ﴿هَذَا﴾ الإفك الذي لا يصح لأحد أن يتكلم به. ﴿بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾؛ أي: كذب عظيم عند الله، التقاول به مصدر بهته؛ أي: قال: عليه ما لم يفعله. كما في "التأويلات النجمية".
وأصل سبحانك (١)، للتعجب من عظم الأمر. ومعنى التعجب في كلمة التسبيح: أن الأصل أن يسبح الله عند رؤية العجب من صنائعه، ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه. أو لتنزيه الله من أن تكون حرمة نبيه فاجرة. وإنما جاز أن تكون امرأة النبي كافرة، كامرأة نوح ولوط، ولم يجز أن تكون فاجرة؛ لأن النبي - ﷺ - مبعوث إلى الكفار ليدعوهم، فيجب أن لا يكون معه ما ينفرهم عنه، والكفر غير منفر عندهم وأما الكشخنة فمن أعظم المنفرات.
والمعنى: أي (٢) وهلا حين سمعتموه ممن بدأ به، وانتحله، أو ممن تابعه في القول قلتم تكذيبًا له، وتهويلًا لشأن ما ارتكبه من الجرم: لا يحل لنا أن نتكلم بهذا، ولا ينبغي لنا أن نتفوه به. سبحانك رب هذا كذب صراح، يحير السامعين أمره، لما فيه من جرأة على بيت كريم شهير بالعفاف والطهر، ولما فيه من مس عرض ذلك البيت المقدس بيت النبوة الذي هو بالعليا من الإجلال والاحترام، وعظيم المكانة. وإذا جاز الخوض فيه على هذه الشاكلة. فماذا يبقى

(١) النسفي.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon