وإشاعة الفاحشة بين المؤمنين، والقدوة السيئة لمن يتكلم بها، فعليهم وزرها ووزر من تكلم بها. كما ورد في الحديث "من سن سنة سيئة فعليه وزرها، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة".
٢٤ - ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ﴾ هذه الجملة مقررة لما قبلها، مبينة لوقت حلول ذلك العذاب بهم وتعيين اليوم لزيادة التهويل، بما فيه من العذاب الذي لا يحيط به وصف. والعامل في الظرف الاستقرار الذي تعلق به الخبر، والتقدير: وعذاب عظيم كائن لهم، ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ﴾ إلخ. وإنما (١) لم يجعل منصوبًا بالمصدر وهو عذاب؛ لأن شرط عمله عند البصريين أن لا يوصف وهنا قد وصف، وأجيب عن هذا، بأن الظرف يتسع فيه ما لا يتسع في غيره. اهـ. من "السمين".
وتقديم (٢) ﴿عَلَيْهِمْ﴾ على الفاعل، للمسارعة إلى بيان كون الشهادة ضارة لهم. والشهادة معناها: قول صادر عن علم، حصل بمشاهدة بصر، أو بصيرة؛ أي: تشهد عليهم ألسنتهم بغير اختيار منهم ذنوبهم التي اقترفوها. فالمشهود به محذوف. وهذا قبل أن يختم على أفواههم، فلا تعارض بينه وبين قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ﴾ ﴿وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ فتخبر كل جارحة بما صدر من أفاعيل صاحبها، لا أن كلاً منها تخبر بجنايتها المعهودة فقط. فالموصول عبارة عن جميع أعمالهم السيئة.
وقيل المعنى (٣): تشهد ألسنة بعضهم على بعض في ذلك اليوم. وقيل: تشهد عليهم ألسنتهم في ذلك اليوم، بما تكلموا به، وأيديهم وأرجلهم بما عملوا بها في الدنيا. وأن الله سبحانه ينطقها بالشهادة عليهم.
وقرأ الأخوان (٤) حمزة والكسائي والزعفراني وابن مقسم وابن سعدان ﴿يشهد﴾ بياء من تحت؛ لأنه تأنيث مجازي، ووقع الفصل، وباقي السبعة بالتاء.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.
(٤) البحر المحيط.