الثابت الواجب الذي هم أهله وافيًا كاملًا. ﴿وَيَعْلَمُونَ﴾ عند معاينتهم الأهوال والخطوب ﴿أَنَّ اللَّهَ﴾ سبحانه ﴿هُوَ الْحَقُّ﴾؛ أي: الثابت الوجود ﴿الْمُبِينُ﴾؛ أي: الظاهر حقيته، لما أنه أبان لهم حقية ما كان يعدهم به في الدنيا من الجزاء.
والخلاصة (١): أي في هذا اليوم يوفيهم الله جزاءهم على أعمالهم، ويعلمون أن ما كانوا يوعدون به في حياتهم الدنيا من العذاب هو الحق الذي لا شك فيه. ويزول عنهم كل ريب كان قد ألم بهم في الدار الأولى.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - ﷺ - قال: "اجتنبوا السبع الموبقات، قيل: وما من يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات". رواه الشيخان.
قال صاحب "الكشاف": ولو قلبت القرآن كله، وفتشت عما أوعد به العصاة، لم تر أن الله قد غلظ في شيء تغليظه في إفك عائشة - رضوان الله عليها -، ولا أنزل من الآيات القوارع المشحونة بالوعيد الشديد، والعقاب البليغ، والزجر العنيف واستعظام ما ركب من ذلك، واستفظاع ما أقدم عليه على طرق مختلفة وأساليب مفتنة، كل واحد منها كافٍ في بابه. ولو لم ينزل إلا هذه الثلاث.. لكفى بها، حيث جعل القذفة ملعونين في الدارين جميعًا، وتوعدهم بالعظيم في الآخرة، وبأن ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم تشهد عليهم بما أفكوا وبهتوا. وأنه يوفيهم جزاءهم الحق الذي هم أهله. اهـ.
وقرأ زيد بن علي (٢): ﴿يُوَفِّيهِمُ﴾ مخففًا من أوفى، وقرأ من عداه: بالتشديد من وفي. وقرأ الجمهور ﴿الحق﴾ بالنصب صفة لدينهم. وقرأ عبد الله ومجاهد وأبو حيوة: بالرفع على أنه صفة للجلالة. وروي ذلك عن ابن مسعود. قال أبو عبيدة: ولولا كراهة خلاف الناس.. لكان الوجه الرفع، ليكون نعتًا لله عز وجل، ولتكون موافقة لقراءة أبيّ. وذلك أن جرير بن حازم قال: رأيت في مصحف أبي

(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon