في هذه السورة في ثلاثة مواضع تعظيمًا لله تعالى:
الأول: عند ذكر الفرقان: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾.
والثاني: عند ذكر النبي - ﷺ -: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ﴾.
والثالث: عند ذكر البروج: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا﴾.
ومثل هذه الآيات قوله تعالى: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾. ﴿تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾. ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ وخصت مواضعها بذكرها لعظم ما بعدها:
الأول: ذكر الفرقان، وهو القرآن المشتمل على معاني كتب الله تعالى.
والثاني: ذكر النبي - ﷺ -، ومخاطبة الله تعالى له فيه.
وفي الأثر: "لولاك يا محمد ما خلقت الكائنات" وفي "كشف الخفاء": "لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك". قال الصغاني: هذا حديث موضوع. وكذلك قال "الشوكاني". قال العجلوني بعد ذكره الأثر. وأقول: لكن معناه صحيح، وإن لم يكن حديثًا.
والثالث: ذكر البروج والشمس والقمر والليل والنهار، ولولاها لما وجد في الأرض حيوان ولا نبات.
٢ - ثم وصف سبحانه نفسه بأربع صفات، من صفات الكبرياء:
الأولى: ذكرها بقوله: ﴿الَّذِي﴾ بدل من الموصول الأول، أو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو الذي ﴿لَهُ﴾ خاصة دون غيره استقلالًا أو اشتراكًا ﴿مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الملك التصرف بالأمر والنهي في الجمهور؛ أي: له السلطان القاهر عليهما، فله القدرة التامة فيهما وفيما حوياه إيجادًا وإعدامًا، وأمرًا ونهيًا بحسب ما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح.
والصفة الثانية: ذكرها بقوله: ﴿وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾؛ أي: لم ينزل أحدًا منزلة ولد، فهو عطف على الصلة. وهذا رد على اليهود والنصارى وبعض مشركي العرب؛ أي: ولم يكن له ولد ليرث ملكه؛ لأنه حي لا يموت، كما زعم الذين