الجنات في كل شيء. ومن هذا يعلم فساد ما قيل في "شرح الأشباه": بجواز اللواطة في الجنة لجواز أن يريدها أهل الجنة ويشتهيها. وذلك لأن اللواطة من الخبائث، التي ما تعلقت الحكمة بتحليلها في عصر من الأعصار كالزنى، فكيف يكون ما يخالف الحكمة، مرادًا ومشتهًى في الجنة. فالقول بجوازها ليس إلا من الخباثة.
والحاصل: أن عموم الآية، إنما هو بالنسبة إلى المتعارف، ولذا قال بعضهم: في الآية دليل، على أن كل المرادات لا تحصل إلا في الجنة، ولما لم تكن اللواطة مرادًا في الدنيا للطيبين، فكذا في الآخرة حالة كونهم ﴿خَالِدِينَ﴾ فيها أبدًا بلا انقطاع ولا زوال. حال من الهاء في لهم، أو من الواو في يشاؤون. قيد بالخلود، لأن من تمام النعيم أن يكون دائمًا، إذ لو انقطع لكان مشوبًا بضرب من الغم. وأنشد في المعنى:
أَشَدُّ الْغَمَّ عِنْدِيْ فِيْ سُرُوْرٍ | تَيَقَّنَ عَنْهُ صَاحِبُهُ انْتِقَالاَ |
١٧ - وقوله: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ كلام متصل في المعنى بقوله: في أول السورة: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً﴾ الخ وتعلق التذكير باليوم مع أن المقصود ذكر ما فيه للمبالغة والتأكيد؛ أي: واذكر يا محمد لقومك أهوال يوم، يحشر الله سبحانه وتعالى فيه، والذين اتخذوا من دونه آلهة، ويجمعهم ﴿وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ من