والجملة الواقعة بعد ﴿إِلَّا﴾ حالية. والمعنى؛ أي: وما أرسلنا قبلك يا محمد أحدًا من المرسلين، إلا وحالهم آكلون، وماشون، فأنت مثلهم في ذلك. قاله ابن الأنباري. وقال الزجاج: الجملة الواقعة بعد ﴿إِلَّا﴾ صفة لموصوف محذوف.
والمعنى: وما أرسلنا قبلك أحدًا من المرسلين، إلا آكلين وماشين، وإنما حذف الموصوف، لأن في قوله: من المرسلين دليلًا عليه نظيره ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤)﴾؛ أي: وما منا أحد. وقال الفراء: لا محل لها من الإعراب، وإنما هي صلة لموصول، محذوف هو المفعول، والتقدير: إلا من أنهم ليأكلون الطعام. والضمير في ﴿إِنَّهُمْ﴾ وما بعده، راجع إلى ﴿مِنَ﴾ المقدرة، وقال الزجاج: هذا خطأ، لأن ﴿مِنَ﴾ الموصلة لا يجوز حذفها.
وقرىء (١): أنهم بالفتح على زيادة اللام وأن مصدرية، والتقدير: إلا أنهم يأكلون الطعام؛ أي: ما جعلناهم رسلًا إلى الناس إلا لكونهم مثلهم في الأكل والمشي. وقرأ الجمهور: ﴿يمشون﴾ مضارع مشى خفيفًا. وقرأ علي وابن مسعود وعبد الرحمن بن عبد الله: يمشون مشددًا مبنيًا للمفعول؛ أي: يمشيهم حوائجهم والناس. وقال الزمخشري: ولو قرىء: يمشون، لكان أوجه لولا الرواية. انتهى. وقد قرأ كذلك أبو عبد الرحمن السلمي مشددًا مبنيًا للفاعل، وهي بمعنى يمشون. قراءة الجمهور.
والخطاب في قوله: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً﴾ عام لجميع الناس، المؤمن والكافر؛ أي (٢): وجعلنا بعضكم أيها الناس فتنة؛ أي: ابتلاء ومحنة لبعض آخر. الفقراء بالأغنياء، والمرسلين بالمرسل إليهم، ومناصبتهم لهم العداوة وأذاهم لهم، والسقماء بالأصحاء، والأسافل بالأعالي، والرعايا بالسلاطين، والموالي بذوي الأنساب، والعميان بالبصراء، والضعفاء بالأقوياء. قال الواسطي
(٢) روح البيان.