- رحمه الله -: ما وجد موجود إلا لفتنة، وما فقد مفقود إلا لفتنة.
فالمريض يقول (١): لم لم أجعل كالصحيح، وكذا كل صاحب آفة. والصحيح مبتلى بالمريض فلا يضجر منه ولا يحقره والغني مبتلى بالفقير يواسيه والفقير مبتلى بالغني يحسده، ونحو هذا مثله.
وقيل المراد بالآية، أنه كان إذا أراد الشريف أن يسلم، ورأى الوضيع قد أسلم قبله أنف، وقال: لا أسلم بعده، فيكون له علي السابقة والفضل، فيقيم على كفره، فذلك افتتان بعضهم ببعض. واختار هذا القول الفراء والزجاج، ولا وجه لقصر الآية على هذا، فإن هؤلاء وإن كانوا سبب النزول فالاعتبار بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.
ثم قال سبحانه، بعد الإخبار بجعل البعض للبعض فتنة: ﴿أَتَصْبِرُونَ﴾ على هذه الفتنة فتؤجروا، أم لا تصبرون فيزداد غمكم. والاستفهام فيه للتقرير، وهو (٢) علة للجعل المذكور.
والمعنى: وجعلنا بعضكم لبعض فتنة، لنعلم أتصبرون على الابتلاء، أم تجزعون عنه.
أو حث على الصبر، على ما افتتنوا به؛ أي: اصبروا على ابتلائكم ولا تجزعوا. وقال أبو الليث: اللفظ لفظ الاستفهام. والمراد الأمر، يعني اصبروا على الابتلاء. كقوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ﴾؛ أي: توبوا. وقوله: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾؛ أي: انتهوا.
ثم وعد الله الصابرين بقوله: ﴿وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾؛ أي: بكل من يصبر، ومن لا يصبر، فيجازي كلا منهما بما يستحقه.
والمعنى: أي (٣) وامتحنا أيها الناس بعضكم ببعض، فجعلنا هذا نبيًا
(٢) البيضاوي.
(٣) المراغي.