﴿مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾ جمع ولي بمعنى تابع؛ أي: عابد. فاولياء بمعنى الأتباع، وفي "الكرخي" من أولياء؛ أي: أتباعًا، فإن الولي كما يطلق على المتبوع، يطلق على التابع، كالمولى يطلق على الأعلى والأسفل، ومنه أولياء الشيطان؛ أي: أتباعه.
﴿حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ﴾ والذكر، ما ذكر به الناس على ألسنة أنبيائهم. ﴿بُورًا﴾؛ أي: هالكين، جمع بائر. كما في "المفردات". أو مصدر وصف به الفاعل مبالغة، ولذلك يستوي فيه الواحد والجمع. يقال: رجل بائر، وقوم بور، وهو الفاسد الذي لا خير فيه. قال الراغب: البوار فرط الكساد، ولما كان فرط الكساد يؤدي إلى الفساد كما قيل: كسد حتى فسد، عبر البوار عن الهلاك.
﴿صَرْفًا﴾؛ أي: دفعًا للعذاب. ﴿وَمَنْ يَظْلِمْ﴾؛ أي: يكفر. ﴿فِتْنَةً﴾؛ أي: بلية ومحنة.
﴿وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾ قال الإِمام الغزالي: البصير: هو الذي يشاهد ويرى، حتى لا يعزب عنه ما تحت الثرى، وإبصاره أيضًا، منزه عن أن يكون بحدقة وأجفان، فمن ارتكب معصية، فهو يعلم أن الله سبحانه يراه، فما أجسره فأخسره، ومن ظن أنه لا يراه فما أكفره اهـ.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الإضافة للتشريف في قوله: ﴿عَلَى عَبْدِهِ﴾ ذكره بهذا الوصف، ولم يذكره باسمه؛ لأن العبودية أشرف أوصاف الإنسان، وليس للمؤمن صفة أتم، ولا أشرف من العبودية، لأنها غاية التذلل، ولقد أحسن القاضي عياض في نظمه، حيث قال:
وَمِمَّا زَادَنِيْ شَرَفًا وَتِيْها | وَكِدْتُ بِأَخْمُصِيْ أَطَأُ الثُّرَيَّا |
دُخُوْليْ تَحْتَ قَوْلِكَ يَا عِبَادِيْ | وَأَنْ صَيَّرْتَ أحْمَدَ لِي نَبِيَّا |