السحر، تقديره: ويعلمونهم ما أنزل عليهما، وسوّغ عطفه عليه مع كون هذا سحرًا أيضًا؛ تغايرهما لفظًا، أو المراد ﴿بما أنزل على الملكين﴾ نوع أقوى من السحر، فالتغاير بالحقيقة لا بالاعتبار. ذكره "الكرخي" ﴿أُنْزِلَ﴾ فعل ماض مغير الصيغة، ونائب فاعله ضمير يعود على ﴿مَا﴾، والجملة الفعلية صلة لما الموصولة على الملكين متعلق بأنزل ﴿بِبَابِلَ﴾ الباء حرف جر بمعنى في ﴿بابل﴾ مجرور بالباء، وجره بالفتحة للعلمية والعجمية، أو التأنيث المعنوي؛ لأنّه بمعنى: البلدة، الجار والمجرور متعلق بأنزل، أو الباء على معناها متعلقة بمحذوف حال من ﴿الْمَلَكَيْنِ﴾. ﴿هَارُوتَ وَمَارُوتَ﴾ بدل من ﴿الْمَلَكَيْنِ﴾ أو عطف بيان لهما، وجرّهما بالفتحة للعلمية والعجمية ﴿وَمَا﴾ الواو استئنافية ﴿مَا﴾ نافيه ﴿يُعَلِّمَانِ﴾ فعل وفاعل مرفوع بثبات النون، والجملة الفعلية مستأنفة، ولا تغترّ بما قال في "الفتوحات" هنا، من أنّ الجملة معطوفة على ما قبلها؛ لأنّ عطفها عليه لا يصحّ، تأمّل ﴿مِنْ﴾ زائدة ﴿أَحَدٍ﴾ مفعول أوّل، والثاني محذوف، تقديره: وما يعلمان أحدًا السحر حتى يقولا ﴿حَتَّى﴾ حرف جر وغاية بمعنى إلى ﴿يَقُولَا﴾ فعل وفاعل منصوب بأن المضمرة بعد حتّى، والجملة صلة أن المضمرة، وأن مع صلتها في تأويل مصدر مجرور بحتى، تقديره: وما يعلمان أحدًا إلى قولهما له نصيحة ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾ مقول محكي ليقولا منصوب بفتحة مقدرة على الأخير، وإن شئت قلت: ﴿إِنَّمَا﴾ أداة حصر ﴿نَحْنُ﴾ مبتدأ ﴿فِتْنَةٌ﴾ خبر، والجملة في محل النصب مقول ليقولا ﴿فَلَا﴾ الفاء حرف عطف وتفريع ﴿لَا﴾ ناهية جازمة ﴿تَكْفُرْ﴾ فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وفاعله ضمير مستتر يعود على أحد، تقديره: أنت، والجملة الفعلية معطوفة مفرّعة على الجملة الإسمية قبلها على كونها مقولًا ليقولا.
﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ﴾.
﴿فَيَتَعَلَّمُونَ﴾ الفاء استئنافية، أو فصيحة، مبني على الفتح؛ لأنّها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت أن الملكين لا يعلمان أحدًا حتى