لجاجهم.. سلّى رسوله - ﷺ - على ذلك بأن قومه ليسوا ببدع في الأمم، وأنه ليس بالأوحد في الأنبياء المكذبين، فقد كذّب موسى من قبلك على ما أتى به من باهر الآيات وعظيم المعجزات، ولم تغن الآيات والنذر، فحاق بالمكذبين ما كانوا به يستهزئون، وأخذهم الله بذنوبهم، وأغرقهم في اليم جزاء اجتراحهم للسيئات، وتكذيبهم بعد ظهور المعجزات ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾.
التفسير وأوجه القراءة
١ - ﴿طسم (١)﴾ الحروف المقطعة (١) في أوائل السور يجمعها قولك: سر حصين قطع كلامه، وأول ما قال أهل التفسير في حق هذه الحروف: الله أعلم بمراده؛ لأنها من الأسرار الغامضة كما قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: إن لكل كتاب سرًا، وسرّ القرآن في المقطعات.
في "رياض الأذكار": والمعاني المتعلقة بالأسرار والحقائق لا يعلمها إلا الله ومن أطلعه الله عليها من الراسخين في العلم، وهم العلماء بالله، فلا معنى للبحث عن مرتبة ليس للسان حظٌّ منها، ولا للقلم نصيب، وقيل: أقسم الله تعالى به.
وقال أهل الإشارة (٢): هو إشارة إلى طاء طَوْله تعالى في كمال عظمته، وإلى سين سلامته عن كل عيب ونقص، وهو منفرد في تنزهه عنه، وإلى ميم مجده في عزة كرم لا نهاية لها، وإشارة أيضًا إلى طاء طهارة قلب نبيه محمد - ﷺ - عن تعلقات الكونين، وإلى سين سيادته على الأنبياء والمرسلين، وإلى ميم مشاهدته لجمال رب العالمين، وإشارة أيضًا إلى طاء طيران الطائرين بالله، وإلى سين سير السائرين إلى الله، وإلى ميم مشي الماشين لله مشي العبودية، لا مشي التفخر والتكبر.

(١) روح البيان.
(٢) المراح.


الصفحة التالية
Icon