والمعنى: أي وإن ربك أيها الرسول الكريم لهو الغالب على أمره، والقادر على كل ما يريد وسينتقم لك من هؤلاء المكذبين على تكذيبهم بك، وإشراكهم بي، وعبادتهم للأوثان والأصنام، وهو ذو الرحمة الواسعة بمن تاب من كفره ومعصيته، فلا يعاقبه على ما سلف من جرمه بعد توبته، بل يغفر له حوبته.
والخلاصة: أن ربك عزَّ كل شيء وقهره، ورحم خلقه، فلا يعجل بعقاب من عصاه، بل يؤجله وينظره لعله يرعوي عن غيه، فإن تمادى أخذه أخذ عزيز مقتدر.
وهذه الآية كرّرها (١) في ثمانية مواضع: أولها في قصة موسى، ثم إبراهيم، ثم نوح، ثم هود، ثم صالح، ثم لوط، ثم شعيب، ثم في ذكر نبينا - ﷺ -، وإن لم يذكر صريحًا إشارة إلى أنه منتقم من أعدائه، ورحيم بأوليائه في كل زمان، وفي كل أمة من الأمم السالفة واللاحقة.
قصص موسى عليه السلام
١٠ - وجملة قوله: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى...﴾ إلخ مستأنفة مسوقة لتقرير ما قبلها من الإعراض والتكذيب والاستهزاء، والعامل في الظرف محذوف تقديره: واذكر يا محمد لقومك قصة وقت ندائه تعالى وكلامه موسى؛ أي: ليلة رأي الشجرة والنار حين رجع من مدين، وذكرهم يا محمد بما جرى مع قوم فرعون بسبب تكذيبهم إياه، وحذّرهم أن يصيبهم مثل ما أصابهم.
و ﴿أَنِ﴾ في قوله: ﴿أَنِ ائْتِ﴾ مفسرة بمعنى: أي، والإتيان (٢): المجيء بسهولة، والمعنى: وإذ قال ربك يا موسى ائت ﴿الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ أنفسهم بالكفر والمعاصي، واستعباد بني إسرائيل وذبح أبنائهم، وكان بنو إسرائيل في ذلك الوقت ست مئة ألف وثلاثين ألفًا، ومدة استعبادهم أربع مئة سنة ﴿قَوْمَ فِرْعَوْنَ﴾ بدل من ﴿الْقَوْمَ﴾، أو عطف بيان له، والاقتصار على القوم؛ للإيذان بشهرة أن
(٢) روح البيان.