أن كل واحد منا رسول رب العالمين. وعبارة "النسفي" هنا (١): ولم يثنّ الرسول هنا كما ثنّى في قوله: ﴿إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ﴾؛ لأن الرسول يكون بمعنى المرسل، وبمعنى الرسالة، فجعل ثمة بمعنى المرسل، فلم يكن بدّ من تثنيته، وجعل هنا بمعنى الرسالة، فيستوي في الوصف به الواحد والتثنية والجمع، كقول الشاعر:
لَقَدْ كَذَبَ الْوَاشُوْنَ مَا فُهْتُ عِنْدَهُمْ | بِسِرٍّ وَلاَ أَرْسَلْتُهُمْ بِرَسُوْلِ |
١٧ - و ﴿أَنْ﴾ في قوله: ﴿أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٧)﴾ مفسرة بمعنى: أي؛ لتضمن (٢) الإرسال المفهوم من الرسول معنى القول، والإرسال هنا التخلية والإطلاق، أي: أطلقهم وخلّ سبيلهم حتى يسيروا معنا إلى فلسطين، وكانت مسكن آبائهم، وكان فرعون استعبدهم أربع مئة سنة، وكانوا في ذلك الوقت ست مئة وثلاثين ألفًا، فانطلق موسى من محل المناجاة جبل الطور إلى مصر، وهارون كان بها، فلما تلاقيا ذهبا إلى باب فرعون ليلًا، ودقّ موسى الباب بعصاه، ففزع البوابون، وقالوا: من بالباب؟ فقال موسى: أنا رسول رب العالمين، فذهب البواب إلى فرعون، فقال: إن مجنونًا بالباب يزعم أنه رسول رب العالمين، فأذن له في الدخول من ساعته - كما قاله السدي - أو ترك حتى أصبح ثم دعاهما، فدخلا عليه، وأدّيا رسالة رب العالمين.
وقال قتادة: إنهما انطلقا إلى باب فرعون فلم يؤذن لهما سنة، حتى قال البوّاب: هاهنا إنسان يزعم أنه رسول رب العالمين، فقال: ائذن له حتى نضحك منه، فأدّيا إليه الرسالة.
وروى وهب وغيره (٣): أنهما لمّا دخلا على فرعون وجداه وقد أخرج
(١) النسفي.
(٢) روح البيان.
(٣) القرطبي.
(٢) روح البيان.
(٣) القرطبي.