٢٤ - وبعد أن بين شؤونهم الدنيوية ذكر معتقداتهم الدينية، فقال: ﴿وَجَدْتُهَا﴾؛ أي: وجدت تلك المرأة ﴿وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ﴾ لا لرب العرش وخالق الكون المحيط بكل شيء علمًا. ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ سبحانه؛ أي: متجاوزين عبادة الله تعالى، قيل: كانوا مجوسًا.
﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ﴾؛ أي: حسن لهم ﴿الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾ القبيحة التي هي عبادة الشمس ونظائرها من أصناف الكفر والمعاصي ﴿فَصَدَّهُمْ﴾؛ أي: صدهم الشيطان بسبب ذلك التزين ومنعهم ﴿عَنِ السَّبِيلِ﴾؛ أي: عن طريق الحق والصواب، وهو الإيمان بالله وتوحيده ﴿فَهُمْ﴾؛ أي: تلك المرأة وقومها بسبب صد الشيطان إياهم ﴿لَا يَهْتَدُونَ﴾ إلى ذلك السبيل.
والمعنى: أي لقيتها وقومها في ضلال مبين، فهم يعبدون الشمس لا رب الشمس وخالق الكون، وزين لهم الشيطان أعمالهم القبيحة، فظنوا حسنًا ما ليس بالحسن، وصدهم عن الطريق القويم الذي بعث به الأنبياء والرسل؛ وهو إخلاص السجود والعبادة لله وحده.
٢٥ - وقوله: ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ﴾: مفعول له للصد على حذف اللام منه؛ أي: فصدهم عن السبيل لئلا يسجدوا لله، وهو ذم لهم على ترك السجود، فلذا وجب السجود عند تمام هذه الآيات.
قرأ الجمهور: ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا﴾ بالتشديد (١)، خرجت على أن قوله: ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا﴾ في موضع نصب على أن يكون بدلًا من قوله: ﴿أَعْمَالَهُمْ﴾؛ أي: فزين لهم الشيطان ألا يسجدوا، وما بين المبدل منه والبدل معترض، أو في موضع جر على أن يكون بدلًا من ﴿السَّبِيلِ﴾؛ أي: فصدهم عن أن لا يسجدوا، وعلى هذا التخريج تكون ﴿لا﴾ زائدة؛ أي: فصدهم عن أن يسجدوا لله، فيكون قوله: ﴿فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ﴾ معترضًا بين المبدل منه والبدل، ويحتمل أن يكون على تقدير اللام على أنه مفعول به لـ ﴿زين﴾، أو ﴿صدهم﴾؛ أي: زين لهم أعمالهم لئلا