يسجدوا لله، أو صدهم عن السبيل لئلا يسجدوا لله. وقيل: العامل في قوله: ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ﴾ ﴿يَهْتَدُونَ﴾؛ أي: فهم لا يهتدون أن يسجدوا لله، وتكون ﴿لا﴾ على هذا زائدة، كقوله: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ﴾.
وعلى قراءة الجمهور - أعني التشديد - ليست هذه الآية موضع لسجدة؛ لأن ذلك إخبار عنهم بترك السجود؛ إما بالتزيين، أو بالصد، أو بمنع الاهتداء، وقد رجح كونه علة للصد الزجاج. ورجح الفراء كونه علة لـ ﴿زين﴾. قال: زين لهم أعمالهم لئلا يسجدوا، ثم حذفت اللام.
وقرأ ابن عباس (١) وأبو عبد الرحمن السلمي والحسن والزهري وقتادة وأبو العالية وحميد الأعرج والأعمش وابن أبي عبلة والكسائي ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا﴾ بتخفيف ﴿أَلَّا﴾ على معنى: ألا يا هؤلاء اسجدوا فتكون ﴿أَلَّا﴾ على هذه القراءة حرف تنبيه واستفتاح، وما بعدها حرف نداء، والمنادى محذوف، واكتفى منه بـ ﴿يا﴾ و ﴿اسجدوا﴾ فعل أمر، ويكون الوقف على قوله: ﴿ألا يا﴾ والابتداء بـ ﴿اسجدوا﴾. وكان (٢) حق الخط على هذه القراءة أن يكون هكذا ﴿ألا يا اسجدوا﴾، ولكن الصحابة رضي الله عنهم أسقطوا الألف من يا، وهمزة الوصل من ﴿اسجدوا﴾ خطًا، ووصلوا الياء بسين ﴿اسجدوا﴾ فصارت صورة الخط هكذا: ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا﴾ والمنادى محذوف، تقديره: ألا يا هؤلاء اسجدوا. وقد حذفت (٣) العرب المنادى كثيرًا من كلامها. ومنه قول الشاعر:
أَلَا يَا أسْلَمِيْ يَا دَارَمَيَّ عَلَى الْبِلَى | وَلاَ زَالَ مُنْهَلًا بِجَرْعَائِكِ الْقَطْرُ |
يَا اسْلَمِيْ يَا هِنْدُ هِنْدَ بَنِيْ بَدْرٍ | وَإِن كَانَ جَبَانًا عِدَا آخِرُ الدَّهْرِ |
(٢) الشوكاني.
(٣) البحر المحيط.