فَقَالَت أَلَا يَا اسْمَعْ أعِظْكَ بِخُطْبَةٍ فَقُلْتُ سَمِعْنَا فَانْطُقِي وَأَصِيْبِيْ
وسُمع بعض العرب يقول: ألا يا ارحمونا ألا تَصَدَّقوا علينا. وقال (١) أبو عبيدة: هذا أمر من الله مستأنف، يعني: ألا يا أيها الناس اسجدوا، وعلى هذه القراءة أعني قراءة التخفيف تكون الآية آية سجدة. قال الزجاج: ولقراءة التخفيف وجه حسن، إلا أن فيها انقطاع الخبر عن أمر سبأ، ثم الرجوع بعد ذلك إلى ذكرهم. قال النحاس: وعلى هذه القراءة تكون جملة ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا﴾ معترضة (٢) من كلام الهدهد، أو من كلام سليمان، أو من كلام الله سبحانه. والقراءة بالتشديد خبر يتبع بعضه بعضًا، لا انقطاع في وسطه. وفي قراءة عبد الله بن مسعود:. ﴿هلا تسجدوا﴾ بالفوقية وبالهاء. وفي قراءة أبي ﴿ألا تسجدوا﴾: بالفوقية أيضًا. وعن عبد الله: ﴿هلا تسجدون﴾. وعن أبي ﴿ألا تسجدون﴾.
وقال الزمخشري: فإن قلت (٣): من أين للهدهد الهدي إلى معرفة الله ووجوب السجود له، وإنكار السجود للشمس، وإضافته إلى الشيطان وتزيينه؟
قلتُ: لا يبعد أن يلهمه الله سبحانه، كما ألهم غيره من الطيور، وسائر الحيوانات والمعارف اللطيفة التي لا تكاد العقلاء يهتدون لها. ومن أراد استقراء ذلك فجليه بكتاب "الحيوان" خصوصًا في زمان نبي سخرت له الطيور، وعلم منطقها، وجعل ذلك معجزة له، انتهى.
وقال الزمخشري أيضًا: فإن قلت أَسَجْدَةُ التلاوة واجبة في قراءتي التشديد والتخفيف جميعًا، أو في واحدة منهما؟
قلتُ: هي واجبة فيهما، وإحدى القراءتين أمر بالسجود، والأخرى ذم للتارك. وما ذكره الزجاج من وجوب السجدة مع التخفيف دون التشديد فغير مرجوع إليه. انتهى.
(١) زاد المسير.
(٢) الشوكاني.
(٣) الكشاف.


الصفحة التالية
Icon