وقوله: ﴿الَّذِي﴾: صفة للجلالة، أو بدل منه، أو عطف بيان له؛ أي: للإله الذي ﴿يُخْرِجُ﴾؛ أي: يظهر ﴿الْخَبْءَ﴾؛ أي: الشيء المدخر المستور ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾؛ أي (١): يظهر للناس ما كان مخبؤًا ومخفيًا ومستورًا فيهما كائنًا ما كان، كالثلج والمطر في السموات والنبات، والماء في الأرض. وقيل: خبء الأرض كنوزها ونباتها، والمعنى: يعلم الغيب في السموات والأرض. وقال ابن جرير: ﴿فِي﴾ بمعنى من، فتقديره: يخرج الخبء من السموات والأرض.
وقرأ أبي وعيسى بن عمر (٢): ﴿الخب﴾: بنقل حركة الهمزة إلى الباء، وحذف الهمزة تخفيفًا. وقرأ عبد الله بن مسعود وعكرمة ومالك بن دينار: ﴿الخبا﴾ بالألف بدل الهمزة، فلزم فتح ما قبلها. قال أبو حاتم: وهذا لا يجوز في العربية، ورد عليه بأن سيبويه حكى عن العرب أن الألف تبدل من الهمزة إذا كان قبلها ساكن.
وقرأ الجمهور: ﴿الْخَبْءَ﴾ بسكون الباء والهمزة. وفي قراءة عبد الله: ﴿يخرج الخبء من السماوات والأرض﴾ قال الفراء: ومن وفي يتعاقبان. ﴿وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ﴾ في القلوب ﴿وَمَا تُعْلِنُونَ﴾ بالألسنة والجوراح. وذكر ﴿وَمَا تُعْلِنُونَ﴾؛ لتوسيع دائرة العلم؛ للتنببه على تساويهما بالنسبة إلى العلم الإلهي.
وقرأ الجمهور (٣): بالتحتية في الفعلين. وقرأ الجحدري وعيسى بن عمر وحفص عن عاصم والكسائي بالتاء فيهما للخطاب. أما القراءة الأولى فلكون الضمائر المتقدمة ضمائر غيبة، وأما القراءة الثانية فلكون قراءة الزهري والكسائي فيهما الأمر بالسجود، والخطاب لهم بذلك فهذا عندهم من تمام ذلك الخطاب.
والمعنى: أن الله سبحانه يخرج ما في هذا العالم الإنساني من الخفاء بعلمه له، كما يخرج ما خفي في السموات والأرض.
٢٦ - ثم بعدما وصف الرب سبحانه بما تقدم مما يدل على عظيم قدرته، وجليل
(٢) البحر المحيط.
(٣) الشوكاني.