بابن عمها يوسف النجار، ولم يقربها، وإنما تزوجها لمرافقتها إلى مصر، لما أرادت الذهاب إلى مصر بولدها عيسى - عليه السلام - وأقاموا بها اثنتي عشرة سنة، ثم عادت مريم وولدها إلى الشام، ونزلا الناصرة، واْخت موسى لم يُذكر أنها تزوجت. انتهى.
﴿قُصِّيهِ﴾؛ أي: اتَّبعي أثر موسى وتتبعي خبره، وفتشي نبأه، وانظري أين وقع حتى تعرفي خبره. وقوله: ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ﴾ معطوف على محذوف، تقديره: فاتَّبعته أخته، فبصرت به؛ أي: أبصرته.
﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ أي: عن بُعد، ولا توهم أنها تراه ﴿وَهُمْ﴾؛ أي: والحال أن آل فرعون ﴿لَا يَشْعُرُونَ﴾؛ أي: لا يعلمون أنها تقصه، وتتعرف حاله، أو أنها أخته.
والمعنى: أي قالت أم موسى لأخته مريم: تتبعي أثره، وتسمعي خبره، وانظري أين وقع، وإلى من صار، فتتبعته فأبصرته من مكان بعيد اختفاء من الناس، والحال أنهم لا يشعرون أنها تقصه، وتتعرف حاله، وأنها أخته، وتطلبه وتبصره.
وقرأ الجمهور (١): ﴿عَنْ جُنُبٍ﴾ بضمتين، وقرأ قتادة والحسن والأعرج وزيد بن علي: ﴿جنب﴾ بفتح وسكون، وعن قتادة بفتحهما أيضًا، وعن الحسن بضم الجيم وإسكان النون، وقرأ النعمان بن سالم عن جانب، والجُنُب والجانب والجنابة والجناد بمعنى واحد، وقال قتادة: معنى عن جنب أنها تنظر إليه كأنها لا تريده، وقرأ الجمهور: ﴿فَبَصُرَتْ﴾ بفتح الباء وضم الصاد، وقرأ قتادة: ﴿فبصَرت﴾ بفتح الصاد، وعيسى: بكسرها.
١٢ - ثم شرع سبحانه يذكر أسباب رده إليها فقال: ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ﴾ التحريم هنا بمعنى المنع، كما في قوله تعالى: ﴿فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ﴾ لأنه لا معنى للتحريم على صبي غير مكلف؛ أي (٢): منعنا موسى أن يرضع من

(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon