نفي الإله؛ لأن ما لا يُعلم صحته لا يجوز اتباعه، فكيف بما عُلم بطلانه.
والمعنى: وقلنا له: وإن طلبا منك وألزماك أن تشرك بي إلهًا ليس لك به علم بكونه إلهًا ﴿فَلَا تُطِعْهُمَا﴾؛ أي: لا توافقهما في الإشراك، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما ورد في الحديث الصحيح، ويدخل فيه الأستاذ والأمير إذا أمر بغير معروف وهو ما أنكره الشرع، فلا طاعة لهما.
والخلاصة: أي وإن حرَّضاك على أن تتعابعهما على دينهما إذا كانا مشركين فإياك أن تفعل ذلك.
فإن قلت (١): لِمَ قال هنا ﴿لِتُشْرِكَ بِي﴾ باللام، وقال في لقمان: ﴿عَلَى أَنْ تُشْرِكَ﴾ بعلى؟
قلت: قال هنا باللام، موافقةً للفظ اللام في قوله: ﴿وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ﴾ وقال في لقمان بعلى، حملًا على المعنى بطريق التضمين، إذ التقدير: وإن حملاك على أن تشرك بي.
وإذا لم تجز (٢) طاعة الوالدين في هذا المطلب، مع المجاهدة منهما له، فعدم جوازها مع مجرد الطلب بدون مجاهدة منهما أولى، ويُلحق بطلب الشرك منهما سائر معاصي الله سبحانه، فلا طاعة لهما فيما هو معصية لله، كما صح ذلك عن رسول الله - ﷺ -.
﴿إِلَيَّ﴾ لا إلى غيري ﴿مَرْجِعُكُمْ﴾؛ أي: رجوعكم يوم القيامة جميعًا؛ أي: مرجع من آمن منكم ومن أشرك، ومرجع من برَّ بوالديه ومن عقّ بهما، ﴿فَأُنَبِّئُكُمْ﴾؛ أي: فأخبركم ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ في الدنيا، ثم أجازيكم على أعمالكم المحسن بحسانه، والمسيء بإساءته، فلا تظنوا أني غائب عنكم، وآباؤكم حاضرون فتوافقوا الحاضرين في الحال، فإني حاضر معكم، أعلم ما تفعلون ولا أنسى، فأنبئكم بجميعه، فأجازيكم عليه إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر.
(٢) الشوكاني.