عبَّر (١) عن إظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة في أنهما سببان للعلم؛ أي: أظهر لكم على رؤوس الأشهاد، وأعلمكم أي شيء كنتم تفعلون في الدنيا على الاستمرار، وأرتب عليه جزاءه اللائق به.
٩ - ففي الآية بشارة للمؤمنين ونذارة للكافرين، والموصول في قوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ بما جاء به محمد - ﷺ - ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ في محل رفع على الابتداء خبره ﴿لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ﴾؛ أي: في زمرة الراسخين في الصلاح، ولنحشرنهم معهم، وهم الأنبياء والأولياء، وكل من صلحت سيرته مع الله، والكمال في الصلاح منتهى درجات المؤمنين، وغاية مأمول الأنبياء والمرسلين.
والمعنى: أي والذين آمنوا بالله، وصدقوا رسوله، وعملوا ما يصلح نفوسهم، ويزكي أرواحهم ويطهرهلالندخلنهم في زمرة الصالحين، ونجعلهم في عدادهم، فندخلهم الجنة معهم.
١٠ - وقوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ﴾ مبتدأ باعتبار مضمونه، والخبر جملة يقول في قوله: ﴿مَنْ يَقُولُ﴾؛ أي: وبعض الناس يقول: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ﴾؛ أي: أقررنا بواحدانية الله ﴿فَإِذَا أُوذِيَ﴾ مجهول آذى يؤدي، كما سيأتي في مباحث الصرف؛ أي: إذا فُتن ﴿فِي اللَّهِ﴾؛ أي: في شأن الله تعالى ولأجله.
والأذى (٢): ما يصل إلى الإنسان من ضرر، إما في نفسه أو في جسمه، أو في حرمه أو في ماله، كما يفعله أهل الكفر مع أهل الإيمان، وكما يفعله أهل المعاصي مع أهل الطاعات، من إيقاع الأذى عليهم لأجل الإيمان بالله والعمل بما أمر به.
﴿جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ﴾ التي هي ما يوقعونه عليه من الأذى ﴿كَعَذَابِ اللَّهِ﴾ سبحانه في الآخرة في الشدة والهول، ويستولي عليه خوف البشرية، إذ من لم يكن في حماية خوف الله وخشيته، يفترسه خوف الخلق، فيساوي بين العذابين، فيخاف العاجل الذي هو ساعة، ويهمل الآجل الذي هو باق لا ينقطع، فيرتد عن

(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon