قلوبهم، ونحو الآية قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ﴾.
﴿وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ﴾؛ أي: وعزتي وجلالي، لئن جاء نصر قريب من عند ربك للمؤمنين، وفتح وغلبة للأعداء، وكنيمة يغنمونها منهم، فالآية مدنية ﴿لَيَقُولُنَّ﴾ بضم اللام (١) نظرًا إلى معنى من، كما أن الإفراد فيما سبق بالنظر إلى لفظه، وقرىء: ﴿ليقولن﴾ بفتح اللام، ذكره أبو معاذ النحوي والزمخشري، ذكره أبو حيان في "البحر".
أي: ليقولن هؤلاء المنافقون: ﴿إِنَّا كُنَّا﴾ داخلين ﴿مَعَكُمْ﴾ في دينكم ومعاونين لكم على عدوك فأشركونا في المغنم، وهم كاذبون فيما يدعون. ونحو الآية ﴿الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
وهم ناس من ضعفة المسلمين، كانوا إذا مسهم أذى من الكفار وافقوهم، وكانوا يكتمونه من المسلمين، فرد الله عليهم وتوعدهم، وذكر أنه عليم بما في صدورهم، لا يخفى عليه شيء من أمرهم، فقال: ﴿أَوَلَيْسَ اللَّهُ﴾ سبحانه ﴿بِأَعْلَمَ﴾ منهم ﴿بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ﴾؛ أي: بما في قلوبهم من الإخلاص والنفاق حتى يفعلوا ما يفعلون من الارتداد والإخفاء، وادعاء كونهم منهم لنيل الغنيمة.
والهمزة في قوله: ﴿أَوَلَيْسَ﴾ لاستفهام التقريري، المضمن للتوبيخ، داخلة على محذوف تقديره: أيحسبون أن الله لا يعلم ما في صدورهم من النفاق، وليس الله سبحانه باعلم بما في صدور العالمين، وبما في قلوب المنافقين وما تكنه صدورهم، وإن أظهروا لكم الموافقة على الإيمان، فكيف يخادعون من لا تخفى عليه خافية، ولا يستتر عنه سر، والمعنى: قد علم ما انطوت عليه الضمائر من خير أو شر.