الجمع، وذكر ابن خالويه وأبو عمرو الداني، أن داوود هذا قرأ: ﴿من خطيئاهم﴾ بجمع خطيئة جمع السلامة، بالألف والتاء، وذكر ابن عطية عنه أنه قرأ: ﴿من خطيئهم﴾ بفتح الطا وكسر الياء، وينبغي أن يُحمل كسر الياء على أنها همزة سُهِّلت بين بين فأشبهت الياء؛ لأن قياس تسهيلها هو ذلك.
أي: والحال أنهم ليسوا بحاملين شيئًا من خطاياهم التي التزموا أن يحملوها كلها، فمن الأولى بيانية، والثانية مزيدة للاستغراق، ثم وصفهم الله سبحانه بالكذب في هذا التحمل، فقال: ﴿إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ في مقالتهم فيما ضمنوا به من حمل خطاياهم.
ومعنى الآية (١): أي وقال الكافرون من قريش، لمن آمن منهم، واتبعوا الهدى: ارجعوا إلى ديننا الذي كنتم عليه، واسلكوا طريقنا، وإن كانت عليكم آثام فعلينا تبعتها، وهي في رقابنا، كما يقول القائل: افعل هذا وخطيئتك في رقبتي، فرد الله عليهم كذبهم، فقال: ﴿وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾؛ أي: وإن الكفرة لا يحملون ذنوب المؤمنين إذا اتبعوهم في الكفر يوم القيامة، فإن أحدًا لا يحمل وزر أحد، كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ وقال: ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ﴾.
ثم أكد ما سبق وقرره بقوله: ﴿إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ فيما قالوا من أنهم يحملون عنهم الخطايا. قال صاحب "الكشاف": وترى (٢) من المتسمين بالإِسلام من يستن بأولئك، فيقول لصاحبه، إذا أراد أن يشجعه على ارتكاب بعض العظائم كالقتل: افعل هذا وإثمه في عنقي، وكم من مغرور بمثل هذا الضمان من ضعفة العامة وجهلتهم. اهـ.
١٣ - وبعد أن بين عدم منفعة كلامهم لمخاطبيهم. بيَّن ما يستتبعه ذلك القول من المضرة لأنفسهم، فقال: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ﴾؛ أي: وعزتي وجلالي، ليحملن هؤلاء القائلون ذنوب أنفسهم التي عملوها يوم القيامة، والتعبير عنها بالأثقال
(٢) الكشاف.