للإيذان بأنها ذنوب عظيمة ﴿و﴾ يحملون ﴿أَثْقَالًا﴾ وذنوبًا أخرى لإضلالهم ﴿مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ أي: مع أثقال ضلالهم، فيعذبون بضلال أنفسهم وإضلال غيرهم، من غير أن ينقص من أثقال من أضلوه شيء ما أصلًا، فتكون أثقال المضلين زائدةً على أثقال الضالين؛ لأن من دعا إلى ضلالة فاتُّبع، فعليه حمل أوزار الذين اتبعوه، وكذا من سن سنةً سيئة، كما ورد في حديث أبي هريرة الثابت في "صحيح مسلم" وغيره.
ثم ذكر أنهم يُسألون يوم القيامة عن افترائهم على ربهم، فقال: ﴿وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ سؤال تقريع وتبكيت لِمَ فعلوه، ولأيِّ حجة ارتكبوه ﴿عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾؛ أي: عما كانوا يختلقونه من الأكاذيب والأباطيل التي أضلوا بها من قولهم، ولنحمل خطاياكم، فإنه صادر من اعتقادهم أن لا خطيئة في الكفر، ومن اعتقادهم أن لا حشر، ويقال لهم: احملوا خطاياهم فلا يحملون، ويقال لهم: افتريتم في الدنيا بحملها، فأين ذلك الوعد والافتراء الآن.
قصص نوح عليه السلام
١٤ - ثم أجمل سبحانه قصة نوح عليه السلام تصديقًا لقوله في أول السورة: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ فقال: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا﴾ للدعوة إلى التوحيد وطريق الحق، من قبل إرسالنا إياك يا محمد ﴿نُوحًا﴾ واسمه عبد الغفار، كما ذكره السهيلي في كتاب "التعريف"، وعبد الشاكر، كما ذكره أبو الليث في "البستان"، وسمي نوحًا لكثر نوحه وبكائه من خوف الله تعالى، وُلد بعد مضيّ ألف وست مئة واثنتين وأربعين سنة من هبوط آدم عليه السلام، قال في "التحبير" (١) روى ابن جرير عن ابن عباس، أن نوحًا بعث وهو ابن ثلاث مئة وخمسين، وهو نوح بن لمك بفتح اللام وسكون الميم والكاف ابن متوشلخ - بضم الميم وفتح التاء الفوقية، والواو وسكون الشين وكسر اللام وبالخاء المعجمة، كما ضبطه ابن الأثير - بن إدريس بن بزد بن أهاليل بن قيتان بن أنوش بن شيث بن آدم، وبين

(١) التحبير.


الصفحة التالية
Icon