تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا}؛ أي: أحجارًا لا تستحق العبادة ﴿وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا﴾؛ أي: وتكذبون حيث تسمونها آلهة، وتدعون أنها شفعاؤكم؛ أي: ما تعبدون من دون الله إلا تماثيل هي مصنوعة بأيديكم لا تنفع ولا تضر، ولا تسمع ولا تبصر، وتفترون كذبًا حين تسمونها آلهة، وتدعون أنها تشفع لكم عند ربكم، والأوثان هي الأصنام.
وقال أبو عبيدة: الصنم ما يتخذ من ذهب أو فضة أو نحاس، والوثن ما يتخذ من جص أو حجارة، وقال الجوهري: الوثن الصنم، والجمع أوثان، وقال بعضهم (١): الصنم هو الذي يؤلف على صورة الإنسان سواء كانت من ذهب أو فضة أو حجر أو غيرها، والوثن هو ما يؤلف من حجر أو شجر على غير صورة الإنسان، يقال خلق واختلق؛ أي: افترى لسانًا أو يدًا كنحت الأصنام، كما في "كشف الأسرار". والإفك: أسوأ الكذب، والمعنى: وتكذبون كذبًا حيث تسمونها آلهة، وتدعون أنها شفعاؤكم عند الله، وهو استدلال على شرارة ما هم عليه، من حيث إنه زور وباطل.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿وَتَخْلُقُونَ﴾ مضارع خلق الثلاثي ﴿إِفْكًا﴾ بكسر الهمزة وسكون الفاء، وقرأ علي والسلمي وعون العقيلي وعبادة وابن أبي ليلى وزيد بن علي ﴿تخلقون﴾ بفتح التاء والخاء واللام مشددة، قال ابن مجاهد: رويت عن ابن الزبير، وأصله تتخلقون، بتاءين فحذفت إحداهما على الخلاف الذي في المحذوفة، وقرأ زيد بن علي فيما ذكر الأهوازي ﴿تُخَلِّقون﴾ من خلَّق المضعف، وقرأ ابن السميفع وأبو المتوكل: ﴿تختلقون﴾ بزيادة التاء، من اختلق من باب افتعل الخماسي، وقرأ ابن الزبير وفضيل بن زرقان ﴿إِفْكًا﴾ بفتح الهمزة وكسر الفاء، وهو مصدر مثل الكذب. قال ابن عباس: وتخلقون إفكا هو نحت الأصنام وخلقا، سماها إفكًا توسعًا من حيث يفترون بها الإفك في أنها آلهة.

(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.
(٣) زاد المسير.


الصفحة التالية
Icon