الذكر الإلهي، فقال: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ والهمزة فيه للاستفهام الإنكاري؛ أي (١): لإنكار عدم رؤيتهم، الموجب لتقريرها داخلة على محذوف، والواو عاطفة على كذلك المحذوف، والتقدير: ألم ينظروا؛ أي: أهل مكة وكفار قريش، ولم يروا؛ أي: ولم يعلموا علمًا، جاريًا مجرى الرؤية في الجلاء والظهور ﴿كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ﴾ أي: يخلقهم ولم يكونوا شيئًا مذكورًا، ويخلقهم من نطفة من غذاء، هو ماء وتراب، وهذا القدر كاف في حصول العلم بإمكان الإعادة، فإن الإعادة مثل البدء؛ أي: ألم يعلموا كيفية خلق الله ابتداء من مادة ومن غير مادة؛ أي: قد علموا.
﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ أي: ثم هو يعيد الخلق، ويردهم إلى الوجود في الآخرة عند البعث، وهو معطوف (٢) على قوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ لا على يبدأ، لعدم وقوع الرؤية عنيه، فهو إخبار بأنه تعالى يعيد الخلق، قياسًا على الإبداء.
فإن قلت: أوليس هذا من عطف الخبر على الإنشاء؟
أجيب: بأن الاستفهام فيه لما كان للإنكار، وتقرير الرؤية، كان إخبارًا من حيث المعنى؛ أي: قد رأوا ذلك وعلموه. اهـ "زاده".
وقد جُوِّز العطف على (يبدأ) بتاويل الإعادة، بإنشائه تعالى كل سنة ما أنشأه في السنة السابقة، من النبات والثمار وغيرهما، فإن ذلك مما يستدل به على صحة البعث، ووقوعه من غير ريب. ﴿إِنَّ ذَلِكَ﴾ المذكور من الإعادة، أو من الخلق الأول والخلق الثاني ﴿عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾؛ أي: سهل لا نصب فيه، إذ لا يفتقر في فعله إلى شيء من الاْسباب؛ لأنه إذا أراد أمرًا قال: له كن، فيكون.
وحاصل المعنى (٣): أن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام، أرشد قومه إلى إثيات المعاد الذي ينكرونه، بما يشاهدونه في أنفسهم من خلقهم، بعد أن لم
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.