الكفار فيها، فكأنه قيل: ثم ذلك الذي بدأ الخلق هو الذي ينشأ النشأة الآخرة، فكان التصريح باسمه أفخم في إسناد النشأة إليه.
وحاصل معنى الآية (١): أي سيروا في الأرض وشاهدوا السموات وما فيها من الكواكب النيِّرة ثوابتها وسياراتها، والأرض، وما فيها من جبال ومهاد وبراري وقفار وأشجار وثمار وأنهار وبحار، فكل ذلك شاهد على حدوثها في أنفسها، وعلى وجود صانعها الذي يقول للشيء كن فيكون، أوليس من فعل هذا بقادر على أن ينشئه نشأة أخرى، ويوجده مرة ثانية. وهو القادر على كل شيء، وشبيه بالآية قوله في الآية الأخرى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾.
٢١ - ولما أقام الدليل على الإعادة، رتب عليها ما سيكون بعدها، فقال: ﴿يُعَذِّبُ﴾ سبحانه بعد النشأة الآخرة ﴿مَنْ يَشَاءُ﴾ ويريد تعذيبه من الكفار والعصاة، ﴿وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ﴾ رحمته من المؤمنين به، المصدقين لرسله، العاملين بأوامره ونواهيه، وتقديم (٢) التعذيب لما أن الترهيب أنسب بالمقام من الترغيب؛ لأن الكلام مع الكفار مكذبي الرسل. ﴿وَإِلَيْهِ﴾ تعالى لا إلى غيره ﴿تُقْلَبُونَ﴾؛ أي: تردون بالبعث، فيفعل بكم ما يشاء من التعذيب والرحمة، مجازاة على أعمالكم.
والمعنى: أي يعذب سبحانه من يشاء منكم ومن غيركم في الدنيا والآخرة، بعدله في حكمه بحسب سننه في خلقه، ويرحم من يشاء بفضله ورحمته، فهو الحاكم المتصرف يفعل ما يشاء، ويحكم بما يريد، لا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل، وهم يسألون. ﴿وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ﴾؛ أي: وإليه سبحانه تردون بعد موتكم.
والمراد: أنه إن تأخر ذلك عنكم، فلا تظنوا أنه قد فات، فإن إليه إيابكم وعليه حسابكم، وعنده يُدَّخر ثوابكم وعقابكم
٢٢ - ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾؛ أي:
(٢) روح البيان.