كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} سبحانه؛ أي: بدلائله التكوينية والتنزيلية، الدالة على ذاته وصفاته وأفعاله، فيدخل فيها النشاة الأولى الدالة على تحقق البعث، والآيات الناقة دخولًا أوليًا، قال في "كشف الأسرار": الكفر بآيات الله أن لا يستدل بها عليه، وتُنسب إلى غيره، ويجحد موضع النعمة فيها.
﴿وَلِقَائِهِ﴾ الذي تنطق به تلك الآيات، ومعنى (١) الكفر بلقاء الله: جحود الورود عليه، وإنكار البعث وقيام الساعة والحساب والجنة والنار. ﴿أُولَئِكَ﴾ الموصوفون بما ذُكر من الكفر بآياته تعالى ولقائه ﴿يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي﴾ قنطوا منها في الدنيا، لإنكارهم البعثث والجزاء، فلا يرجون الجنة؛ لأنه لم ينجع فيهم ما نزل من كتب الله، ولا ما أخبرتهم به رسله، أو ييأسون منها يوم القيامة، والتعبير بصيغة الماضي للدلالة على تحققه، واليأس: انقطاع الطمع، كما في "المفردات".
﴿وَأُولَئِكَ﴾ الموصوفون بالكفر بالآيات واللقاء، وباليأس من الرحمة الممتازون بذلك عن سائر الكفرة ﴿لَهُمْ﴾ بسبب تلك الأوصاف القبيحة ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾؛ أي: وجيع لا يقادر قدره في الشدة والإيلام.
وقرأ الجمور: ﴿يَئِسُوا﴾! بالهمز، وقرأ الذماري وأبو جعفر بغير همز، بل بياء بدل الهمز، ذكره أبو حيان.
كرر سبحانه الإشارة للتأكيد (٢)، ووصف العذاب بكونه أليمًا للدلالة على أنه في غاية الشدة، وأضاف (٣) الرحمة إلى نفسه، ولم يُضف العذاب إليها لسبق رحمته، وإعلامًا لعباده بعمومها لهم، ويأسهم من رحمة الله تعالى؛ لأنه سبحانه له في كل شيء آية دالة على وحدانيته، فإذا أشرك أحد كفر بآيات الله، وإذا أنكر الحشر كفر بلقاء الله، وأخرج نفسه عن محل رحمة الله، وإذا جعل له آلهة لم يقر
(٢) الشوكاني.
(٣) الفتوحات.