﴿مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ قال بعضهم: الفرق بين الولي والنصير، أن الولي هو الذي يدفع المكروه عن الإنسان بنفسه لولايته ومباشرته الدفع، والنصير هو الذي يأمر بدفعه عنه لمناصرته ومعاونته في الدفع، والولي أخص من النصير، إذ قد ينصر من ليس بولي. ﴿أُولَئِكَ يَئِسُوا﴾ واليأس انتفاء الطمع وانقطاعه.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الاستفهام للتقريع والتوبيخ والإنكار في قوله: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا﴾.
ومنها: الطباق بين ﴿صَدَقُوا﴾ و ﴿الْكَاذِبِينَ﴾، وبين ﴿آمَنُوا﴾ و ﴿الْمُنَافِقِينَ﴾، وبين ﴿يُعَذِّبُ﴾ و ﴿وَيَرْحَمُ﴾ وبين ﴿يُبْدِئُ﴾ و ﴿يُعِيدُ﴾.
ومنها: مغايرة الأسلوب في قوله: ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ حيث عبر في الأول: بصيغة الفعل الماضي، وهي ﴿صَدَقُوا﴾ وفي الثاني: بصيغة اسم الفاعل وهي ﴿الْكَاذِبِينَ﴾. والنكتة في هذه المخالفة كما مر، أن اسم الفاعل يدل على ثبوت المصدر في الفاعل ورسوخه فيه، والفعل الماضي لا يدل عليه؛ لأن الآية وقت نزولها كانت حكايةً عن قوم قريبي عهد بالإِسلام، وعن قوم مستمرين على الكفر، فعبر عن حق الأولين بلفظ الفعل، وفي حق الآخرين بالصيغة الدالة على الثبات والدوام.
ومنها: الحذف في قوله: ﴿مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ﴾ فإن جواب الشرط فيه محذوف، كما سبق.
ومنها: التأكيدبـ ﴿إن﴾ و ﴿اللام﴾، في قوله: ﴿فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ﴾؛ لأن المخاطب منكر.
ومنها: صيغة المبالغة في قوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.


الصفحة التالية
Icon