يرجع إلى دينكم إذا أو مضته النار، وإما أن يموت بها إن أصر على قوله ودينه، انتهت.
قوله تعالى: ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ...﴾ الآيتين، مناسبتهما لما قبلهما: أن الله سبحانه لما ذكر إنجاء إبراهيم من النار، وأن ذلك معجزة له، لا يفقه قدرها إلا من كان ذكي الفؤاد، قوي الفطنة، يفهم الدلائل التي أودعها الله في الكون.. أردف ذلك ببيان أنه لم يصدق بما رأى إلا لوط عليه السلام، فقد آمن به واستقر الإيمان في قلبه، ثم بيَّن أن إبراهيم لما أيس من إيمان قومه، هاجر إلى بلاد الشام فرارًا بدينه، وقصدًا إلى إرشاد الناس وهدايتهم، ثم عدد نعمه العاجلة عليه في الدنيا، بأن آتاه بنين وحفدة، وجعل فيهم النبوة وأنزل عليهم الكتب، وآتاه الذكر الحسن إلى يوم القيامة، ونعمه الآجلة أنه مكتوب في عداد الكملة في الصلاح والتقوى.
قوله تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ...﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها؛ أن الله سبحانه لما قص علينا قصص إبراهيم عليه السلام، وما لاقاه من قومه من العتو والجبروت، ثم نصره له نصرًا مؤزرًا.. أعقبه بقصص لوط، إذ كان معاصرًا له، وسبقه إلى الدعوة إلى الله، وقد افتنَّ قومه في فعلة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، ولأن الملائكة الذين أنزلوا بقرية سذوم العذاب جاؤوا ضيوفًا لإبراهيم عليه السلام.
قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا...﴾ الآيات، مناسبتها لما قبلها (١): أنه لما استنصر لوط عليه السلام بربه، بقوله: ﴿رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾ استجاب دعاءه، وبعث لنصرته ملائكة وأمرهم بإهلاك قومه، وأرسلهم من قبل بالبشرى لإبراهيم فجاؤوا وبشروه بذرية طيبة، ثم قالوا له: إنا مهلكوا أهل هذه القرية لتمادي أهلها في الشر، وإصرارهم على الكفر والمعاصي، فأشفق إبراهيم على لوط، وقال: إن في القرية لوطًا، فقالوا:

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon