عندكم على صحة عبادتها.
وقصارى ذلك: أن مودة بعضكم بعضًا هي التي دعتكم إلى عبادتها، إذ قد رأيتم بعض من تودون عبدوها، فعبدتموها موافقةً لهم لمودتكم إياهم، كما يرى الإنسان أو يوده يفعل شيئًا فيفعله مودةً له ثم ذكر أو حالهم في الآخرة ستكون على نقيض هذا، فقال: ﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ بعد الخروج من الدنيا تنقلب الأمور، ويتبدل التواد تباغضًا، والتلاطف تلاعنًا، حيث ﴿يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ﴾ وهم العبدة ﴿بِبَعْضٍ﴾ وهم الأوثان ﴿وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾؛ أي: يلعن ويشتم كل فريق منكم ومن الأوثان - حيث ينطقها الله - الفريق الآخر.
﴿وَمَأْوَاكُمُ﴾؛ أي: مثواكم جميعًا لعابدون والمعبودون والتابعون والمتبوعون ﴿النَّارُ﴾؛ أي: هي منزلكم الذي تأوون إليه، ولا تُرجعون منه أبدًا ﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾؛ أي: من مانعين يخلصونكم منها ما خلصني ربي أو النار التي ألقيتموني فيها، وجمع الناصر لوقوعه في مقابلة الجمع؛ أي: وما لأحد منكم من ناصر أصلًا، والخطاب فيه لعبدة الأوثان جميعًا القادة والأتباع.
والمعنى: أي ثم تنعكس الحال يوم القيامة، فتنقلب الصداقة والمودة بغضًا وشنآنًا، وتتجاحدون ما كان بينكم، ويلعن بعضكم بعضًا، فيلعن الأتباع المتبوعين، والمتبوعون الأتباع، كما قال ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (٦٧)﴾ ثم مرجعكم إلى النار، وما لكم من ناصر ينصركم، ولا منقذ ينقذكم من عذاب الله تعالى.
وقرأ الحسن (١) وأبو حيوة وابن أبي عبلة، وأبو عمرو في رواية الأصمعي والأعمش عز أبي بكر، وابن وثاب وابن عباس وسعيد بن المسيب وعكرمة: ﴿مودةٌ﴾ برفعها منونة، ﴿بينَكم﴾ بالنصب، فالرفع على أنها خبر إن، وما موصولة، ومودة إما مصدر بمعنى اسم المفعول، أو على حذف مضاف؛ أي: من