كالأوقاف الجارية، والمصاحف المتلوة، والأشجار المنتفع بها ونحوها، وكذلك منَّ عليه بأن جعل في ذريته النبوة.
ومن الإشارة في الآية أو السعادات أو يكون في ذرية الرجل أهل الولاية الذين هم ورثة الأنبياء، فإن بهم تقدم الدنيا والدين، وتظهر الترقيات الصورية والمعنوية للمسلمين، وتسطع الأنوار إلى جانب أرواح المقربين وأعلى عليين، فيحصل الفخر التام، والشرف الشامل، والانتفاع العام، وهؤلاء من كانوا من النسب الطيني فذاك، وان كانوا من النسب المديني فالأولاد الطيبون، والأحفاد الطاهرون مطلقًا من نعم الله الجليلة:
نِعَمُ الإِلهِ عَلَى الْعِبَادِ كَثِيْرَةٌ | وَأَجَلُّهُنَّ نَجَابَةُ الأَوْلاَدِ |
فإن قلت (١): قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ في الدُّنْيَا﴾ الآية، ذكر ذلك في معرض المدح لإبراهيم عليه السلام أو الامتنان عليه، وأجر الدنيا فانٍ منقطع بخلاف أجر الآخرة، فكيف ذكره دون أجر الآخرة؟
قلت: بل ذكره أيضًا في قوله: ﴿وَإِنَّهُ في الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ إذ المعنى إن له في الآخرة أجر الصالحين وافيًا كاملًا، لكن آخره موافقةً للفواصل.
قصص لوط عليه السلام
٢٨ - قوله: ﴿وَلُوطًا﴾ منصوب بالعطف على نوحًا، أو على إبراهيم أو بتقدير أذكر. و ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ﴾ ظرف للعامل في لوطًا، قال الكسائي: والمعنى: ولقد أرسلنا لوطًا من قبلك يا محمد، أو أنجينا لوطًا بين قال لقومه من أهل المؤتفكات ﴿إِنَّكُمْ﴾ يا قوم ﴿لَتَأْتُونَ﴾ وتفعلون ﴿الْفَاحِشَةَ﴾؛ أي: الخصلة المتناهية في القبح والفحش، وهي اللِّواطة.
قرأ أبي عمروحمزة والكسائي وأبو بكر (٢) ﴿أَئِنَّكُمْ﴾ بالاستفهام الإنكاري
(١) فتح الرحمن.
(٢) الشوكاني.
(٢) الشوكاني.