وفي هذا إعلام، أنه لا ينبغي أو يتعاشر الناس على المناكير، ولا ينبغي لهم أن يجتمعوا على الهزء والمناهي والملاهي.
وحاصل المعنى (١): أي وتفعلون من الأفعال والأقوال في أنديتكم ومجتمعاتكم ما لا يليق، ويخجل منه أرباب الفطر السليمة، والعقول الراجحة الحصيفة.
زعمت الهند (٢): أن حبس الضراط داء، وإرساله دواء، ولا يحبسون في مجالسهم ضرطة، ولا يرون ذلك عيبًا، وأفلتت من معاوية ريح على المنبر فقال: أيها الناس إن الله خلق أبدانًا وجعل فيها أرياحًا، فمتى يتمالك الناس أن لا تخرج منهم، فقام صعصعة بن صوحان فقال: أما بعد فإن خروج الأرياح في المتوضاة سنة، وعلى المنابر بدعة، وأستغفر الله لي ولكم.
ثم ذكر جوابهم عن نصحه لهم، فقال: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ﴾؛ أي: فلما أنكر عليهم لوط ما يأتونه من القبائح، ما كان جوابهم إذ نهاهم عما يكرهه الله سبحانه، من إتيان الفواحش التي حرمها الله عليهم ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾ له استهزاءً؛ أي: إلا قولهم ﴿ائْتِنَا بِعَذَابِ اللهِ﴾ الذي تعدنا ﴿إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ فيما تعدنا أو نزول العذاب؛ أي: إن كنت صادقًا فيما تقول، ومنجزًا ما تعد، وكان قد أوعدهم بالعذاب على ذلك.
وهذا الجواب (٣) صدر منهم في أول مواعظه، فلما ألحق عليهم في الإنكار والنهي، قالوا: أخرجوهم أو قريتكم إنهم أناس يتطهرون، كما جاء في سورة الأعراف، وفي هذا إيماء إلى شديد كفرهم، وعظيم عنادهم؛ أي: فما أجابوا بشيء إلا بهذا القول رجوعًا إلى التكذيب واللجاج والعناد.
وقد تقدم في سورة النمل ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ﴾ وتقدم في سورة الأعراف {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا

(١) المراغي.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.


الصفحة التالية
Icon