وهو إنكار وجود الله سبحانه. ﴿وَالْمُنْكَرِ﴾؛ أي: عن الإشراك، وهو إثبات الألوهية لغير الله تعالى، فالعبد أول ما يشرع في الصلاة يقول: الله أكبر، فبقول الله ينفي التعطيل، وبقوله: أكبر ينفي الإشراك؛ لأن الشريك لا يكون أكبر من الشريك الآخر، فيما فيه الاشتراك، فإذا قال: ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾ نفى التعطيل، وإذا قال: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ نفى الإشراك؛ لأن ﴿الرَّحْمَنِ﴾ من يعطي الوجود بالخلق، و ﴿الرَّحِيمِ﴾ من يعطي البقاء بالرزق، فإذا قال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ أثبت خلاف التعطيل، وإذا قال: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ أثبت خلاف الإشرِاك، فإذا قال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ نفى التعطيل والإشراك، وكذا إذا قال: ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.
إذا قال: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ﴾ نفى التعطيل؛ لأن طالب الصراط له مقصد، والمعطل لا مقصد له، وإذا قال: ﴿الْمُسْتَقِيمَ﴾ نفى الإشراك؛ لأن ﴿الْمُسْتَقِيمَ﴾ هو الأقرب، والمشرك يعبد الأصنام، ويظنون أنهم يشفعون لهم، وعبادة الله من غير واسطة أقرب، وعلى هذا إلى آخر الصلاة، فإذا قال فيها: أشهد أن لا إله إلا الله، فقد نفى الإشراك والتعطيل.
ومعنى نهي الصلاة عن الفحشاء والمنكر (١): أنها سبب للانتهاء عنهما؛ لأنها مناجاة لله تعالى، فلا بد أن تكون مع إقبال تام على طاعته، وإعراض عن معاصيه. اهـ من "المراح".
﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ﴾ سبحانه وتعالى إياكم برحمته ونعمته في الدنيا، وبالثواب والثناء عليكم منه في الآخرة ﴿أَكْبَرُ﴾ من ذكركم إياه بعبادتكم وصلواتكم، واختار هذا المعنى ابن جرير، ويؤيده حديث "من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم"، وقال ابن عطاء: ذكر الله لكم أكبر من ذكركم له؛ لأن ذكره بلا علة ولا غرض، وذكركم مشوب بالعلل والأماني، ولأن ذكره لا يفنى، وذكركم لا يبقى. اهـ. أو المعنى: ولذكر الله بسائر أنواعه، من تهليل وتحميد وتسبيح وغير ذلك أكبر؛ أي: أفضل من

(١) المراح.


الصفحة التالية
Icon