الطاعات التي ليس فيها ذكر؛ لأن (١) ثواب الذكر هو الذكر، كما قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾. أو المعنى: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ﴾؛ أي: والصلاة ﴿أَكْبَرُ﴾ وأفضل من سائر الطاعات، وإنما عبر عنها بالذكر، كما في قوله تعالى: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ للإيذان بأن ما فيها من ذِكره تعالى، هو العمدة في كونها مفضلة على الحسنات ناهية عن السيئات.
وقيل المعنى (٢): أن ذِكر الله أكبر - مع المداومة - من الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر، وقال الضحاك: ولذكر الله عندما يحرم، فيترك أجل الذكر، وقيل: المعنى: ولذكر الله، للنهي عن الفحشاء والمنكر أكبر؛ أي: كبير، وقيل: ولذكر الله في الصلاة أكبر منه خارج الصلاة؛ أي: أكبر ثوابًا، وقيل: أكبر من سائر أركان الصلاة، وقيل: ولذكر الله نهيه أكبر من نهي الصلاة.
والذكر النافع: هو الذي كان مع العلم وإقبال القلب، وتفرغه إلا من الله، وأما ما لا يتجاوز اللسان ففي رتبة أخرى، وذكر الله تعالى للعبد هو إفاضة الهدى ونور العلم عليه، وذلك ثمرة لذكر العبد ربه.
﴿وَاللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ وتفعلون من الذكر ومن سائر الطاعات، فيجازيكم به أحسن المجازاة؛ أي: يعلم ما تأتون به من خير أو شر، لا يخفى عليه شيء من أمركم، وهو يجازيكم كفاء أعمالكم إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، كما جرت بذلك سنته في خلقه، وهو الحكيم الخبير، ولا يخفى ما في ذلك من وعد ووعيد، وحث على مراقبة الله تعالى في السر والعلن. ﴿فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ نسأل الله أن يوفقنا للفعل الحسن والصنع الجميل، ويسعدنا بالمقام الأرفع، والأجر الجزيل، بمنه وكرمه. آمين.

فصل في ذكر نبذة من أحاديث الذكر


عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء
(١) روح البيان.
(٢) القرطبي.


الصفحة التالية
Icon